العدد 1368 / 3-7-2019

حشد وحشد مضاد في الميادين، وانتشار أمني غير مسبوق، وقوى سياسية مختلفة تعد العدة لليلة سيتوقف عندها التاريخ كثيرا، ووزير دفاع يطأطئ الرأس أمام رئيسه ذاعنا بالولاء ومن خلف الكواليس يكتب بيان خريطة طريق.

كان ذلك مشهدا مبسطا لتحركات 30 حزيران 2013، التي مهدت للانقلاب العسكري على الرئيس الراحل محمد مرسي بقيادة وزير دفاعه آنذاك عبد الفتاح السيسي الذي عين رئيسا انتقاليا لمدة عام ثم تولى بنفسه السلطة بعد ذلك حتى الآن.

وفي 3 تموز 2013، وقف السيسي بين 14 شخصا يمثلون قيادات سياسية ودينية وعسكرية يتلو بيان عزل الرئيس المنتخب وخريطة الطريق التي ضلت طريقها بعد ذلك، كما أن الآمال العريضة التي راودت مسامع مؤيدي الانقلاب آنذاك، ما لبثت أن تبددت مع تشتت الحلفاء بين المنفى والسجون والصمت.

خريطة ضلت طريقها

بحماسة تلا السيسي بيانه برفقة قادة عسكريين، أبرزهم رئيس الأركان وقتها صدقي صبحي، ومحمد البرادعي رئيس جبهة الإنقاذ المعارضة-التي قادت الحراك السياسي ضد مرسي.

وشملت بنود الخارطة تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، وتشكيل لجنة لمراجعة تعديلاته، في حين أعد النظام دستورا جديدا جرت عليه مؤخرا "عملية تفصيل" سمحت ببقاء السيسي رئيسا حتى عام 2030، بعد تعديل دستوري وسع من صلاحياته وصلاحيات الجيش بصورة غير مسبوقة.

ورغم أن الخارطة نصت على "وضع ميثاق شرف إعلامي"، فإن الفترة اللاحقة للانقلاب شهدت انفلاتا إعلاميا وتشويها متعمدا لكل من يخالف السلطات وقراراتها، وبعد ست سنوات سيطرت الدولة على كل وسائل الإعلام، وحجبت المواقع المعارضة.

ونصت الخارطة أيضا على اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكون شريكا في القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة، لكن ما حدث لاحقا أن العسكر تصدروا غالبية المناصب الاستشارية والعليا في المواقع التنفيذية واتخاذ القرار.

أما بند تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية، فلم يطبق حتى الآن في ظل تزايد الانقسام المجتمعي.

تحالف مشتت

ومنذ صعود السيسي إلى سدة الحكم عام 2014، تشتت رفاق 30 يونيو بين راحل عن الحياة ومنفي ومعارض وسجين، وآخرين بدلوا مقاعدهم بالانتقال إلى المعارضة، وبعضهم تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين.

ورغم مرور ست سنوات على الانقلاب العسكري، لم تفلح مبادرات المصالحة وتقريب وجهات النظر بين حلفاء الثورة ومعارضي السيسي لبلورة مشهد جديد للتغيير.

وتوارى عن الأضواء غالبية من ظهر في مشهد 3 تموز 2013، فشيخ الأزهر أحمد الطيب توارى في السنوات الأخيرة، على خلاف البابا تواضروس الذي يستغل أي مناسبة لإبراز دور السيسي في الإطاحة بمرسي وأول تجربة ديمقراطية تشهدها البلاد.

أما أبرز قيادات جبهة الإنقاذ التي قادت مظاهرات 30 يونيو، فكونوا تحالف "الحركة المدنية الديمقراطية" كنواة لجبهة معارضة في الداخل، بينها حزبا الدستور والكرامة، وعلى رأسهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

هذه الجبهة بدأ التنكيل بقادتها مبكرا، إذ لم يسمح لهم النظام بتنظيم أي فعاليات، كما اعتقل عدد من أعضائها قبل أيام بمزاعم "التورط في مخطط لضرب اقتصاد البلاد، وإعداد خطة الأمل والتحالف مع الإخوان".

كما لم تسلم حركات شبابية معارضة أيدت مظاهرات 30 يونيو وحشدت لها من الملاحقة الأمنية وعلى رأسها حركتا 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين.

أما شباب ثورة يناير 2011 فتبدلت مواقف بعضهم من تأييد 30 يونيو إلى وصفها بالانقلاب العسكري لاحقا مع صعود السيسي، مما دفع النظام إلى الزج بعدد كبير منهم في السجون لمدد متباينة، ومن أبرزهم أحمد ماهر ووائل عباس وعلاء عبد الفتاح ومحمد عادل وأحمد دومة وأخيرا تم اعتقال زياد العليمي وحسام مؤنس.

احتفالات رسمية فقط

وبعد 6 سنوات ومثلما حدث في السنوات الماضية، غاب أبرز رموز 30 يونيو عن الاحتفاء بذكراها، واهتم بعضهم بنشر بيانات إدانة للأوضاع الحقوقية للسجناء خاصة السياسيين.

وعلى العكس من ثورة يناير التي كان يحتفل بها المصريون في الشوارع والميادين قبل منعها بالقوة، أصبح الاحتفال بذكرى 30 يونيو احتفالا حكوميا خالصا لا يحمل أي مظاهر شعبية.

واقتصر الاحتفال على كلمة مسجلة للسيسي وبيانات تأييد من مؤسسات الدولة والأحزاب والحركات التي ظهرت بعد الانقلاب من رحم النظام مثل حزب مستقبل وطن، وحركة تحيا مصر، فضلا عن وسائل الإعلام الحكومية والخاصة التابعة للنظام.