العدد 1556 /29-3-2023

شهد اليوم العاشر من التظاهرات ضدّ إصلاح النظام التقاعدي في فرنسا، اليوم الثلاثاء، صدامات بين الشرطة ومئات المحتجّين، في ظلّ تصاعد التوتّر مع وصول الحوار بين حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون والنقابات إلى طريق مسدود.

وفي باريس، تدخلت قوات الأمن لتفريق مجموعة من "المخرّبين" بعدما اقتحموا متجر بقالة وأضرموا النار في حاوية قمامة قبيل وصول المسيرة الاحتجاجية الرئيسية إلى ساحة لا ناسيون، وفق وكالة "فرانس برس". وقالت الشرطة إنها اعتقلت 22 شخصاً.

وذكر مقر شرطة باريس أنّ قوات الأمن أطلقت القنابل المسيلة للدموع لـ"تفريق التظاهرة" والسماح "لفرق الإطفاء بالتدخّل" و"تسهيل تقدّم المسيرة".

واشتبك متظاهرون مع قوات أمنية بعد ظهر الثلاثاء في مدينة نانت (غرب) حيث أضرمت النار في أحد فروع مصرف واستهدفت المحكمة الإدارية وكذلك في مدينة رين (غرب) حيث وقعت عمليات تخريب.

وتفاقمت الاحتجاجات ضد التعديل الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وينصّ خصوصاً على رفع سنّ التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، منذ تبنّت الحكومة النصّ دون تصويت في الجمعية العامة، فيما لم تؤّد اقتراحات بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة.

ومنذ ذلك الحين، شهدت التظاهرات أعمال عنف متزايدة وأُصيب خلالها عناصر في الشرطة والدرك ومن مثيري الشغب ومتظاهرون وأُحرقت مبان عامة.

وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان الثلاثاء نشر "13 ألف شرطي بينهم 5500 في باريس"، في تعزيزات "غير مسبوقة".

وواجهت قوات الأمن تعبئة تراجعت بنسبة 20 إلى 40 بالمائة وفقاً للمدن. وفي العاصمة أعلنت نقابة "سي جي تي"CGT عن مشاركة 450 ألف متظاهر مقابل 800 ألف في 23 مارس/آذار. من جهتها ذكرت الشرطة أن نحو 740 ألف متظاهر نزلوا الثلاثاء إلى الشارع في فرنسا بينهم 93 ألفًا في باريس.

وأكّد الناطق باسم الحكومة أوليفييه فيران الثلاثاء أن الحكومة "حصن ضدّ العنف غير المشروع"، رافضاً اقتراح النقابات باللجوء إلى "وساطة".

تأسف سوزان (21 عاماً) وهي طالبة تحدثت اليها وكالة فرانس برس في ليون (وسط شرق): "لدينا انطباع بأنه مهما فعلنا لا شيء يتغير".

وأضافت: "يدفعوننا إلى أقصى الحدود لكنهم لن ينجحوا في كسر عزيمتنا".

وتسبّب قطع الطرق والإضرابات والتظاهرات منذ عدة أيام، باضطرابات في إمدادات الوقود في بعض المناطق الفرنسية وعلى بعض الطرق ومستودعات الخدمات اللوجستية.

وعرقل متظاهرون حركة القطارات في محطة غار دو ليون في باريس، وطلبت المديرية العامة للطيران المدني، اليوم الثلاثاء، من شركات الطيران مجدداً إلغاء بعض رحلاتها الخميس والجمعة، لا سيّما في مطار باريس-أورلي، بسبب إضراب مراقبي الحركة الجوية.

ونفد الوقود أو الديزل في أكثر من 15 بالمائة من محطات الوقود في فرنسا، أمس الإثنين.

وفي باريس، أُغلق برج إيفل وقصر فيرساي بسبب حركة الإضرابات.

وتتكدس آلاف الأطنان من القمامة في شوارع العاصمة بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إضراب مفتوح لجامعي النفايات.

لكن نقابات عمّال جمع النفايات أعلنت "تعليق" إضرابها اعتباراً من الأربعاء.

على الرغم من تصميم الحكومة على موقفها بشأن الإصلاح، تشدّد على رغبتها في "التهدئة".

بدأت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن سلسلة واسعة من المشاورات على مدى ثلاثة أسابيع مع نواب والأحزاب السياسية ومسؤولين محليين وشركاء اجتماعيين إذا أرادوا ذلك.

لكن النقابات، التي حذرت من تحول الاحتجاجات إلى حركة اجتماعية خارجة عن السيطرة، لا تنوي التراجع.

وأعلن الأمين العام لنقابة "سي جي تي" فيليب مارتينيز أن النقابات "سترسل رسالة إلى رئيس الجمهورية" لمطالبته مجدداً بـ"تعليق مشروعه"، فيما يتهم بعض المعارضين اليساريين، منهم القيادي في الحزب الشيوعي فابيان روسيل، الرئيس الفرنسي بأنه "يراهن على تلاشي" الحركة الاجتماعية.

وفي استطلاع أجرته مجموعة أودوكسا، 30% فقط من المشاركين يعتبرون أن ماكرون رئيس "جيّد"، بتراجع من ستّ نقاط مئوية خلال شهر، فيما ينظر إليه 70% من المستطلَعين بسلبية.

والثلاثاء، طالب الأمين العام لنقابة "سي اف دي تي" الإصلاحية لوران بيرجيه الحكومة بإقامة "وساطة" من أجل "إيجاد مخرج".

وأضاف: "ما تطرحه النقابات اليوم هو بادرة تهدئة".

وقالت الحكومة الفرنسية "لا حاجة لوساطة".

واعتبرت أنّ مصير الإصلاح أصبح في أيدي المجلس الدستوري.

وأشار مصدر برلماني إلى أن الجمعية الوطنية ستستمع خلال الأيام المقبلة لوزير الداخلية جيرالد دارمانان بشأن "إدارة حفظ النظام".