العدد 1385 / 6-11-2019

محمد عصمت

قد يستطيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإفلات من مصيدة عزله من منصبه , حيث بدأ مجلس النواب الأمريكي ــ بأغلبيته الديمقراطية ــ إجراءاتها العلنية يوم الخميس الماضي، لكنه من المرجح أنه سوف يخسر منصبه في انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها العام المقبل.

فالتهمة التي يواجه ترامب بسببها خطر العزل كانت تفرض عليه ــ بالمقاييس التقليدية للديمقراطية الأمريكية ــ أن يقدم استقالته بمجرد أن نشرت الصحف الأمريكية شهادة مسربة من «شخص مجهول» تفيد بأن ترامب طالب نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بأن يفتح تحقيقا بشأن مزاعم فساد منسوبة لابن السيناتور جو بايدن المنافس الديمقراطي القوي لترامب في الانتخابات المقبلة، مقابل الخدمات التي تقدمها واشنطن لبلاده، وعلى رأسها صفقات السلاح، لكن ترامب ضرب عرض الحائط بكل هذه التقاليد، بل طالب الرئيس الصيني أيضا بالكشف عن تعاملات بايدن وابنه في بلاده، وهو ما اعتبره سياسيون وقانونيون أمريكيون بأنه انقلاب متكامل الأركان على النظام الانتخابي الأمريكي، ودعوة لتدخل دول أجنبية لمساعدته في حملته الرئاسية.

المنافسة الحزبية بين الديمقراطيين والجمهوريين الذين ينتمي ترامب لهم قد تحميه من السقوط، فمجلس الشيوخ بأغلبيته الجمهورية لن توافق على عزله، بفرض موافقة مجلس النواب على إزاحته من منصبه، لكن الدفاع عنه في الانتخابات المقبلة لضمان فوزه بها له حسابات أخرى تضع الجمهوريين في مأزق حاد، فلو تخلوا عن ترشيح ترامب سيكون ذلك اعترافا منهم بدعمهم لرئيس مذنب وسيخسر الحزب خسائر سياسية فادحة، وإذا رشحوه فهم مطالبون بمعجزة تمكنهم من التوفيق بين حماقات وسوقية ترامب والتقاليد الديمقراطية الأمريكية أمام ملايين الناخبين!

اختفاء ترامب سواء بعزله أو بسقوطه في الانتخابات المقبلة، وانتخاب رئيس ديمقراطي، سيعيد بلا شك تشكيل خريطة الصراع في الكثير من مناطق العالم، ففي الشرق الأوسط على سبيل المثال ستخف حدة التوتر بين أمريكا وإيران، وقد تتفاقم الخلافات بين واشنطن والعديد من الدول العربية التي تربطها علاقات قوية مع إدارة ترامب، وستتغير بالتأكيد تحالفات وستتوقف حروب ونزاعات مذهبية، وقد نشهد مفاجآت كبيرة في هذا البلد أو ذاك، تتغير بمقتضاها أوضاع هنا أو هناك!

عالم ما بعد ترامب قد لا يكون أكثر هدوءا وقدرة على حل الصراعات الدولية على البترول أو حتى معالجتها بطرق أكثر حكمة، أو على وقف الحرب التجارية بين الدول الكبرى، وقد لا يعد بتغييرات جذرية في السياسة الأمريكية في إدارة شئون العالم، لكنه بالتأكيد سيكون عالما أقل حماقة وانحطاطا!