العدد 1681 /17-9-2025
وائل قنديل
من المهم، بل من الواجب،
تذكير القمّة العربية الإسلامية المُنعقدة في الدوحة اليوم بأنّ هناك مدينة عربية
في المراحل الأخيرة من ابتلاعها وشطبها من الجغرافيا، بواسطة العدو الذي تنعقد
القمّة للنظر في عدوانه على قطر. كما تجدُر الإشارة إلى أنّ القدس العربية
الإسلامية المُحتلة تشهد وقت انعقاد قمّة القادة العرب والمسلمين أعنف موجة من
أعمال التهويد تطال أقدس مقدّساتها في عملية يشارك فيها وزير الخارجية الأميركي،
ماركو روبيو.
قبل أن يطير القادة
العرب إلى الدوحة الجريحة، طار وزير خارجية أميركا إلى القدس المحتلة، ماركو
روبيو، ليتقمّص دور زعماء الصهيونية الدينية الذين يسيطرون على الحكم في إسرائيل،
وزير الأمن إيتمار بن غفير والمالية بيتسلئيل سموتريتش، مرتدياً الطاقية اليهودية،
ليقف عند حائط البراق في المسجد الأقصى المبارك، رفقة بنيامين نتنياهو وسفير واشطن
في تل أبيب، ويؤدّي الصلوات اليهودية، فيعلن نتنياهو على الفور أنّ التحالف بين
إسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى.
المعنى نفسه شدّد عليه
وزير خارجية دونالد ترامب قبل أن يشدّ الرحال إلى الكيان الصهيوني، إذ أعلن أنّ
العدوان على قطر "لن يغيّر طبيعة علاقتنا مع إسرائيل، لكن سيكون علينا أن نتحدّث
عنه (وعن) التأثير الذي سيخلفه خصوصاً". ... هذه الحقائق وغيرها يجب أن تكون
في صلب أعمال القمّة العربية الإسلامية المنعقدة بقصد التصدّي للتهديدات
الإسرائيلية المُباشرة والصريحة بضرب أيّ دولة عربية أو إسلامية تستقبل السياسيين
من قادة الفصائل الفلسطينية المقاومة، وفي مقدّمتها حركة حماس التي حسناً فعلت،
حينما ذكّرت المجتمعين اليوم بأنها "حركة تحرّر وطني منتخبة، تسعى إلى إنجاز
حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، ولا يجوز اعتبار قادتها أهدافاً
عسكرية لتبرير جرائم الاحتلال".
والحال كذلك، لا فائدة
من ألف قمّة عربية إسلامية تُعقد من دون أن يتحرّر المشاركون فيها من أوهام اعتبار
الإدارة الأميركية الراهنة طرفاً محايداً أو وسيطاً بين إسرائيل وأعدائها، أو
اعتبار ترامب شخصيّاً مرجعية سياسية أو أخلاقية عند مقاربة القضية الفلسطينية
بمواجهة الاحتلال، ذلك أن هذه الإدارة لا تترُك مناسبة إلا وتظهر فيها كأنها
الذراع الدبلوماسية والإعلامية للاحتلال، ناهيك عن اضطلاعها بمهمّاته العسكرية،
حين يقرّر شن عدوان على خصومه.
المُنتظر من زعماء
الدول العربية الإسلامية أن يقولوا لشعوبهم وللعالم إنهم غير ملزمين بتصوّرات
الإدارة الصهيونية للبيت الأبيض حيال مستقبل فلسطين والمنطقة. وهنا لا يصح منطقاً
وأخلاقاً أن يكون المطلوب عربيّاً من المقاومة الفلسطينية مُتطابقاً مع ما تريده
إدارة ترامب، بالوكالة عن حكومة نتنياهو، وهو ما لخّصه وزير خارجية واشنطن، ماركو
روبيو، مبكّراً، حين قال في الـ7 من الشهر الماضي (أغسطس/ آب) في مقابلة على
"فوكس نيوز بيزنس"، إنه لن يكون هناك سلام في غزّة مع وجود حركة حماس
جماعة مسلّحة، حتى جامعة الدول العربية تؤمن وتقول بذلك".
في الإجمال تنتظر
الشعوب العربية والإسلامية من قمّة حكّامها ألا تكون قراراتها خاضعة، أو مُستجيبة
لتصوّرات العقل الأميركي، المُتغطرس والمُتصهين لمآلات العدوان الإسرائيلي على
الشعب الفلسطيني. ولا بأس من التذكير مرّة أخرى بأنّ الحدّ الأدنى الذي يمكن أن
يُرضي الشعوب التي تحترق حزناً على خذلان غزّة أن يأتي الموقف من العدوان على قطر
وفلسطين ليس أقلّ من الموقف الأوروبي تجاه قضية أوكرانيا، وهو الموقف الذي اعتبر
الاعتداء على أوكرانيا اعتداءً على مجموع الاتحاد الأوروبي وعلى كلّ دولة أوروبية
على حدة، وشدّد على الرفض المطلق لمطلب تجريد أوكرانيا من ترسانة أسلحتها.