أعلنت في السودان ليل الخميس (11/5)حكومة «الوفاق الوطني» برئاسة بكري حسن صالح، بمشاركة عدد من القوى والحركات التي شاركت في الحوار الوطني الذي أنهى أعماله في تشرين الأول الماضي، بينها حزب «المؤتمر الشعبي» بزعامة علي الحاج، وحركة «الإصلاح الآن» بقيادة غازي صلاح الدين. وتضمّنت الحكومة الجديدة وزراء اتحاديين ووزير دولة، حاول خلالها النظام تقسيم مواقع السلطة على جميع من ساهم في الحوار، بمن فيها الشخصيات القومية التي شاركت في الحوار المجتمعي، إلى جانب أحزاب الحوار.
لم تحمل الحكومة الجديدة أية مفاجآت كبيرة وإن جاءت بوجوه جديدة من الأحزاب المشاركة، فيما بعضها كان قد شارك في السلطة في فترات سابقة لثورة الإنقاذ. ومن أبرز الوجوه الجديدة المرشح الرئاسي السابق لـ«الحزب الاتحادي» حاتم السر، الذي شغل منصب وزير التجارة، فضلاً عن القيادي في حزب «الأمة» المعارض مبارك الفاضل، الذي خالف حزبه وشارك في الحوار وتقلّد منصب وزير الاستثمار والدكتور ادريس سليمان من المؤتمر الشعبي وزيراً للتعاون الدولي. وسيطر حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم على معظم وزرائه في الحكومة الجديدة، وإن عمد لتغيير طفيف في وزراء القطاع الاقتصادي، إذ غادر وزراء المالية والنفط والمعادن مواقعهم، بينما بقي الباقون في مناصبهم بمن فيهم نائب الرئيس السوداني حسبو عبد الرحمن، ومساعد الرئيس إبراهيم محمود ووزير الخارجية إبراهيم غندور.
لكن المفاجأة الأبرز في التشكيل الوزاري جاءت بتعيين عسكري وزيراً للمالية، لا سيما أن الوزير الجديد (محمد عثمان الركابي) الذي يحمل رتبة فريق في وزارة الدفاع، عمل مديراً للشؤون المالية في الجيش منذ تسعينيات القرن الماضي. ورأى مراقبون أن تعيين عسكري وزيراً للمالية، تأكيد لتعزيز سلطة الجيش والإمساك بكافة مقاليد الحكم بالنظر إلى أهمية وزارة المالية، وتأكيد لتمدد نفوذ رئيس الوزراء بكري حسن صالح، لا سيما أن الركابي يُعد من أقرب أصدقائه ومن الشخصيات التي يثق بها.
وربط البعض التشكيل الوزاري ونجاح رئيس الوزراء وتأكيد تقدّمه كمرشح وحيد لخلافة البشير في الحكم في انتخابات 2020، بحزمة الإجراءات التي سبقت الإعلان الوزاري، الممثلة في توجّهات النظام في فك الارتباط مع الأمن الشعبي، الذراع الأمني للحركة الإسلامية، إلى جانب تذويب «الدفاع الشعبي» الذي يُعد بمثابة ذراع عسكري للحركة الإسلامية في الجيش السوداني، وإلحاق قوات الدعم السريع «الجنجويد» بالجيش السوداني. ورأوا في ذلك تشديداً على أن هذه الخطوة هي من ضمن متطلبات إقليمية ودولية لتحسين وضع السودان اقتصادياً والانفتاح عليه خارجياً. ووفق مصادر مطلعة، فإن المهندس الرئيسي لعمليات حل وفك ارتباط تلك الحاضنات من «دفاع شعبي» و«دعم سريع» وحركة إسلامية وأمن شعبي، كان بكري حسن صالح، الذي أبدى حرصاً على تأكيد سيطرة الجيش على الحكم. ورأى محللون أن ما حصل بمثابة انقلاب أبيض في نظام الحكم بدأ منذ التعديل الوزاري الذي جرى عام 2013 وأطاح صقور النظام، بينهم النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه..}