العدد 1376 / 4-9-2019

انطلق يوم الإثنين في تونس الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية المبكرة. ويقف على خط السباق 26 مرشحاً، بعد أن تم استبعاد العشرات بسبب عدم توفر شروط الترشح في ملفاتهم.

ويصل التونسيون إلى المرحلة الأخيرة التي تسبق الاقتراع، يوم 15 أيلول الحالي، بعد تجاوزهم بنجاح العديد من المصاعب التي كادت تعصف بهذا المسار، خصوصاً بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، وما سبقها وتلاها من أحداث متتالية أدخلت البلاد في مرحلة شكوك كبيرة حول مستقبل المسار الانتقالي، الذي يأمل الجميع في إنهاء خطوته الأخيرة لولوج مرحلة الاستقرار النهائي والتام، والانتقال نهائياً إلى المهام الاجتماعية والاقتصادية بعد استنفاد أغلب مهمات الوضع السياسي. ويتوقع المراقبون في تونس أن تكون هذه الحملات ساخنة جداً، بحكم الصراع القوي بين عدة شخصيات. وكشفت الأيام الماضية عن طبيعة هذا الصراع ونسقه المنتظر. وبدأت سلسلة الاتهامات وإطلاق الشائعات بوضوح، ما أثار العديد من المخاوف من الانحرافات المتوقعة التي يمكن أن تضرب نزاهة الانتخابات وصورة المسار الديمقراطي.

وتشهد الانتخابات التونسية منذ بدايتها في 2011، مباشرة بعد قيام الثورة، حضوراً قوياً ولافتاً للمجتمع المدني، مكّنه من تفادي العديد من الهفوات وإصلاح الأوضاع الانتخابية تباعاً. وتقوم هذه المنظمات والجمعيات بمراقبة كل مراحل الحملات الانتخابية ومضامينها، وصولاً إلى يوم الاقتراع لغاية الإعلان عن النتائج، وهو ما مثّل من ناحية جهداً إسنادياً قوياً لعمل الهيئة المستقلة للانتخابات، وضغطاً قوياً على المرشحين وأحزابهم من ناحية أخرى لتقليص الانحرافات إلى حد كبير. ويُتوقع أن يكون عمل هذه المنظمات كبيراً هذه المرة أيضاً، بسبب خصوصية هذه الانتخابات التي حملت اختبارات جديدة للمسار الديمقراطي التونسي.

وتحمل هذه الحملات مخاوف حقيقية حول طبيعة هذه الانتخابات ونزاهتها، ما استدعى دخول المنظمات الكبرى على الخط، خصوصاً الاتحاد العام التونسي للشغل. وأكد أمينه العام نور الدين الطبوبي أن الاتحاد سيكون حاضراً في عدد من الحوارات، وطرفاً في النقاشات المثارة في المناظرات بين المرشحين. وأضاف، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية، أن المنظمة العمالية "حين أعلنت أن الانتخابات تهمها لم تقصد أنها ستكون طرفاً في الانتخابات، بل قصدت أنها ستكون قوة حياد وتعديل حتى توازن بين دورها الاجتماعي والوطني"، مضيفاً أنها "ستكون شوكة في حلق كل ظالم، وأنها ستنحني لإرادة الشعب واختياراته". وأوضح الطبوبي أن مساهمة الاتحاد ستكون لوجستية من خلال نشر المراقبين، وفي الحوار وإبداء الرأي كذلك، لكنه لن يعادي من يختلف معه في الرأي.

ويخشى مراقبون من مبالغات الحملات الانتخابية، الرئاسية بالذات، إذ يقدم المرشحون وعوداً اجتماعية واقتصادية ليست مشمولة في صلاحيات الرئاسة دستورياً، وموكولة بالكامل للحكومة. وفسّر المسؤول في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر هذا الأمر بغياب ثقافة المساءلة السياسية والعقد الأخلاقي بين المرشحين للانتخابات والمواطنين من الناخبين، وهو ما خلق هوّة بين البرامج الانتخابية والواقع الاجتماعي في تونس. وأكد بن عمر، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أنه يتعيّن إقرار عقد أخلاقي بين المرشحين والناخبين من أجل الإيفاء بكل تعهدات المشاركين في المنافسة بالانتخابات. وقال إن "النهوض بالوضع الاجتماعي يبقى من مسؤوليات الحكومة المزمع تشكيلها من قِبل مجلس النواب، وليس من مهام رئاسة الجمهورية، التي يقتصر دورها على مهام شؤون الدفاع والخارجية والأمن القومي".