شعبان عبد الرحمن

بهذه النتائج المبهرة للانتخابات البرلمانية الكويتية، تتأكد الرسالة التي بعثت بها الانتخابات الأردنية قبل شهرين (21 أيلول 2016م)، ومن بعدها نتائج الانتخابات المغربية (8 /10/ 2016م)، وهي إصرار الشعوب على الخيار الإسلامي الوسطي المعتدل والإصلاحي الأمين، وهي رسالة تؤكد في الوقت ذاته انتظار تلك الشعوب لمرشحيها سنوات دون أن تنساهم او تتخلى عنهم.
إنها رسالة مهمة بحق، تعيد شعاع الأمل المتوهج، من عمان إلى الرباط ومنها إلي الكويت، ويعيد للإسلاميين (خاصة الإخوان المسلمين) ثقتهم بأنفسهم التي اهتزت أمام طوفان حملات التشكيك والتخويف والتهديد في مناطق عديدة من العالم.
وربما ينطبق ذلك بصورة واضحة علي الحالة الأردنية، ويكاد ذلك يختفي في الحالة المغربية والكويتية. لكن المؤكد أنه يحسب لحكومات تلك الدول نوعاً من الجسارة السياسية والحكمة في التعاطي مع الشعب بكل فئاته وقواه، مهما كان الاختلاف، ومنح الجميع حقوقه على قدم المساواة، وذلك هو العامل الأهم في استقرار الأوطان.
أعود لنتائج انتخابات البرلمان الكويتي (50 عضواً) التي تؤشر نتائجها إلى ما يلي:
• دخول 34 نائباً جديداً، بما يعني نسبة تغيير تصل إلى 68% في مقاعد البرلمان. 
• فوز الإصلاحيين والمعارضين بـ26 مقعداً، وهي مقاعد تزيد على نصف المقاعد.
• فوز 4 من خمسة من مرشحي الحركة الدستورية القريبة من الإخوان.
• انخفاض عدد مقاعد الشيعة من 9 إلى 6 مقاعد بنسبة هبوط تصل إلى 12%.
• خسارة التيار السلفي التقليدي (التجمع السلفي) أو من دعمهم ماعدا نائباً واحداً، واختفاء التيار الليبرالي ماعدا نائبة.
• نجاح أربعة رموز سلفية مستقلة.
• وصول عدد من الشباب وامرأة واحدة.
ولا شك أن تلك النتائج تجسد الدلالات التالية:
1- تصب مباشرة في رصيد الكويت.. الدولة والحكومة والشعب، بعد إنضاج تجربة قوية وشفافة تعد مثالاً لدول المنطقة، وتصنع حراكاً ديمقراطياً جديداً ينعكس إيجابياً على الاستقرار وخطط التنمية، ومزيداً من ثقة واحترام العالم لتجربة الكويت.
2- تؤكد أن خيار الشعب مع المشروع الإسلامي الإصلاحي، وتشير إلى أن رصيد هذا المشروع لم يتأثر بغياب روّاده عن المشاركة الانتخابية طوال أربع سنوات (2012م - 2016م).
3- تؤكد نتائج هذه الانتخابات انحسار التيار الليبرالي وغيره من التيارات في مربعه نفسه.
4- الأهم، أن ساحة البرلمان الكويتي باتت تضم خريطة مصغرة للشعب الكويتي بكل فئاته وقواه وأفكاره، وتلك فرصة نادرة للبرلمان الجديد ليقدم صورة نموذجية للتعايش والتعاون بين المختلفين، وإعلاء مصالح الوطن والشعب فوق أي اعتبارات أخرى، وذلك - إن تحقق - سيكون مثالاً يحتذى لشعوب أخرى في المنطقة.
وأعتقد أنه بعد هذه الانتخابات، وبعد عودة المعارضة لمقاعد المجلس، سنتابع أداء برلمانياً مختلفاً عن ذي قبل، ونوعاً من العلاقة بين البرلمان والحكومة أكثر تطوراً. فالمعارضة تعود بعد مقاطعة دامت أربع سنوات، إثر خلافات مع الحكومة تخللتها احتكاكات انعكست على الحياة السياسية وأصابتها بنوع من الفتور مع التوتر، بما أوقف قطار التجربة البرلمانية المتميزة في المنطقة.