بسام ناصر

منحت الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في الأردن، في العشرين من أيلول القادم، جماعة الإخوان المسلمين فرصة ذهبية لاسترداد حضورها الذي افتقدته في الشهور السابقة، بسبب أزمتها الداخلية من جهة، والتضييق الحكومي عليها من جهة أخرى، بحسب مراقبين ومحللين.
فعلى صعيد أزمتها الداخلية، تعرّضت الجماعة لهزات داخلية عنيفة، بعد استقالة مجموعة من قيادييها وأعضائها العاملين، وإنشائهم لكيانات أخرى خارج أطر الجماعة المؤسسية.
ورافق تداعيات الأزمة الداخلية التي عصفت بالجماعة، إقدام الحكومة على إجراءات تصعيدية تجاه الجماعة، كان آخرها مداهمة المركز العام للجماعة في العاصمة عمان، وإغلاقه بالشمع الأحمر.
وخروجاً من الوضع الداخلي المتأزم، فقد أعلنت الجماعة في 11 حزيران 2016 عن تشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة الجماعة برئاسة النائب السابق المهندس عبد الحميد الذنبيات، ومجموعة من قيادات الجماعة، لتحل محل المكتب التنفيذي السابق بقيادة الدكتور همّام سعيد.
ونتيجة لإجراءات الحكومة التصعيدية تجاه الجماعة، فقد لجأت إلى ممارسة نشاطاتها وفعالياتها ومشاركتها السياسية عبر ذراعها السياسي «حزب جبهة العمل الإسلامي».
وكان حزب الجبهة قد أعلن رسمياً في الحادي عشر من حزيران الماضي مشاركته في الانتخابات البرلمانية، بعد مقاطعته لها عامي 2010 و2013 لعدة أسباب، كان من أبرزها احتجاجه على قانون الصوت الواحد، والتدخل الحكومي في انتخابات 2007.
أمام قرارات المقاطعة والمشاركة، تثور أسئلة حول طبيعة المتغيرات التي حملت الجماعة، ممثلة بحزبها (حزب جبهة العمل الإسلامي) على المشاركة في الانتخابات القادمة، فما هي دوافع إخوان الأردن وأهدافهم من المشاركة بعد مقاطعتهم السابقة؟ وهل ثمة آفاق جديدة للعمل السياسي أم أن الأمر برمته لا يعدو اقتناص فرصة الانتخابات لترميم أوضاع الجماعة، وفي الوقت نفسه محاولة استرجاع ألقها وحضورها من جديد؟
دوافع المشاركة وأسبابها
أرجع القيادي في الجماعة، والمرشح على قوائم «حزب جبهة العمل الإسلامي» للانتخابات البرلمانية القادمة، رامي ملحم قرار المشاركة إلى عدة أسباب، من أبرزها: مغادرة قانون الصوت الواحد، وتقديرهم بأن «مصلحة الأردن في هذا الظرف أرجح في المشاركة من المقاطعة». 
وأضاف ملحم:  «ولدينا كذلك برنامج سياسي للمشاركة والإصلاح، نسعى أن يكون لبنة خير لوطننا»، لافتاً إلى أن الظرف الذي يمر به الوطن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، والتحديات التي تواجهها تتطلب تكامل الجهود من جميع القوى الفاعلة.
 وقال ملحم: «نتطلع إلى الإسهام في إغناء الحياة السياسية في الأردن، والمشاركة مع القوى الفاعلة لاستعادة الدور الحقيقي لمجلس النواب، وتمكينه من القيام بوظائفه المختلفة، والعمل لتحقيق ما ورد في برنامج التحالف الوطني للإصلاح.
من جانبه، قال القيادي في الجماعة، إبراهيم اليماني «إن المشاركة السياسية هي الأصل في منهاج العمل السياسي لدى الإخوان المسلمين، والمقاطعة أمر طارئ.. يحكمه تقدير المصلحة والاجتهاد لواقع معين». وتابع اليماني: «المشاركة في هذه المرحلة هي عودة إلى الأصل من أجل الإصلاح، في ظل المتغيرات التي تحاصرنا من كل مكان، ومن أجل التواصل بشكل أكبر مع الناس وأصحاب القرار». 
أوضح اليماني أنهم يدخلون هذه الانتخابات بتحالفات واسعة مع كل مكونات المجتمع الأردني، وقواه السياسية والدينية.
ولفت اليماني إلى أنهم «يطمحون إلى تشكيل أكبر تجمع يؤمن بالتغيير الديمقراطي والانفتاح على الجميع، رسمياً وشعبياً، وأن يسود التعاون بين جميع القوى من أجل مصلحة الوطن». 
وحول ما يطمحون إليه ويرجونه بمشاركتهم في هذه الانتخابات، أوضح اليماني أن ما يرجوه الإخوان بمشاركتهم هو خدمة دينهم وأمتهم وفكرتهم، خاصة في ظل ثقافة الكراهية التي تُصنع ضدهم داخلياً وخارجياً. 
من جهته، حذر الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، محمد عواد الزيود، من خطورة المرحلة القادمة، وقال: «نحن أمام مرحلة فارقة تعتبر فيصلاً بين مرحلتين، فإما أن نعيد الثقة للمواطن الأردني بالعملية الانتخابية، وإما أن نقضي بالكامل على أية ثقة بالعملية السياسية عموماً، والانتخابات على وجه الخصوص خلال المرحلة القادمة».
وأضاف الزيود في مؤتمره الصحفي، الذي عقده ظهر السبت الماضي في مقر الحزب «إننا في حزب جبهة العمل الإسلامي نتطلع لدور ريادي في خدمة هذا الوطن وأبنائه من خلال التعاون مع كل شركائنا على الساحة الوطنية، لضمان مستقبل زاهر لأردننا الحبيب، انسجاماً مع سياساتنا وأولوياتنا في حماية الوطن وخدمته، وعلى كافة الصعد».