أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن حكومته قضت على أغلبية الانقلابيين في الجيش ومختلف أجهزة الدولة، وشدد في أول خطاب له أمام البرلمان منذ الانقلاب الفاشل على أن اقتصاد بلاده مستقر، وطمأن رجال الأعمال والمستثمرين إلى أنه لا يوجد ما يدعوهم للقلق.
وقال الرئيس التركي في كلمة أمام البرلمان إن جماعة فتح الله غولن كانت تتدثر بالدين، ولكن أقنعتهم كشفت «وبدا أنهم خائنون للأمة بدليل قصفهم للبرلمان واستهدافهم لي شخصياً ولممثلي الشعب» والمواطنين العاديين.
ودعا الشعب إلى الصبر والاستمرار في التظاهر حتى استئصال «ورم الانقلابيين» من مختلف مؤسسات الدولة. والخطاب هو الأول لأردوغان أمام البرلمان منذ الانقلاب العسكري الفاشل في الخامس عشر من تموز الجاري.
وفي خطابه شجب الرئيس التركي بشدة تصريحات المسؤولين الأميركيين والغربيين التي تتهم الحكومة التركية بالتعسف في التعامل مع مدبري الانقلاب الفاشل.
وقال إن حكومته سترسل للغرب ملفات مرفقة بتسجيلات وصور عن الدمار والضرر والقتل الذي أحدثه الانقلابيون.
وذكر الرئيس التركي الدول الغربية بأنه وحكومته انتخبهما الشعب بشكل شفاف، وخاطب الغربيين قائلاً: «عليكم ترك الافتراءات ووصفنا بالديكتاتورية».
وأشاد أردوغان بتصدي المواطنين الأتراك لمحاولة الانقلاب الفاشلة، وقال: «شعبي كتب اسمه بالذهب في سجلات التاريخ، واعترضوا بصدورهم العارية طلباً للشهادة، وفضلوا الموت على الخيانة».
وشكر أفراد المؤسسة العسكرية وقوى الأمن «الذين لم ينخدعوا»، كما أشاد بدور الاستخبارات التركية في إفشال الانقلاب.
وطمأن المواطنين إلى أن جميع مرافق الدولة ومؤسساتها تعمل بشكل كامل، وأنه لن يحصل أي تجاوز، «فالعدالة تعمل بشكل ناجح، وقد أغلقنا صفحات الماضي في هذا السلك، فربما كانت هناك أخطاء»، وانتقد التعاطي مع فرض حالة الطوارئ خارج سياقها، قائلاً إنها لن تؤثر على حياة المواطنين، بدليل أنهم لم يصطفوا في طوابير لشراء الطعام وتخزينه»، خلافاً لما كان يحصل في حقب سابقة.
وشدد على أن الحكومة لن تسمح للتجار باستغلال حالة الطوارئ لرفع الأسعار. وأكد الرئيس التركي أن حكومته تقود البلاد، وأن القوات المسلحة وقوى الأمن تؤدي عملها بشكل كامل.
 وفي الجانب الاقتصادي، قال الرئيس التركي إنه لا يوجد أي تغيير، وأكد أن البنك المركزي يقوم بدوره بالكامل إلى جانب المصارف الأخرى.
وخاطب رجال الأعمال والمستثمرين قائلاً: «لا خوف عليكم ولا قلق». وطالب البنوك بخفض نسبة الفائدة على القروض دعماً لمشاريع لمواطنين ولتطوير البلد.
وكان الرئيس التركي قد أعلن 15 تموز من كل عام يوماً لتخليد «ذكرى شهداء» التصدي للمحاولة الانقلابية الفاشلة، وأشار رجب طيب أردوغان إلى أن الحكومة بصدد وضع هيكل جديد للقوات المسلحة، وضخ دماء جديدة فيها.
 وتعهد بمواصلة «تطهير» مؤسسات الدولة من أتباع «الكيان الموازي» بشكل سريع، ولمّح إلى تمديد حالة الطوارئ إذا اقتضت الضرورة.
وأوضح أنه تم اعتقال عشرة آلاف وأربعمائة شخص منذ بدء محاولة الانقلاب الفاشلة، وأن عدد القتلى ارتفع إلى 246 شخصاً بخلاف المخططين للانقلاب، بينما بلغ عدد المصابين 2185 شخصاً.
 ودعا أردوغان المواطنين الأتراك لمواصلة خروجهم في مظاهرات «صون الديمقراطية» في الميادين خلال هذه «المرحلة الحرجة»، راجياً منهم إبداء المزيد من الصبر والإقدام.
 هيكلة  جديدة للجيش
وفي مقابلة سابقة مع وكالة رويترز قال أردوغان إن الحكومة بصدد وضع هيكل جديد للقوات المسلحة، وضخ دماء جديدة فيها، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها تركيا مؤخراً.
 ولم يستبعد أردوغان وقوع محاولة انقلاب جديدة، لكنه أكد أن ذلك لن يكون سهلاً، «لأن القيادة التركية أخذت حذرها».
 وكشف الرئيس التركي عن وجود ثُغَر وتقصير في عمل أجهزة المخابرات قبل الانقلاب، وقال: «من الواضح تماماً أنه كانت هناك فجوات وأوجه قصور كبيرة في مخابراتنا، لا جدوى من محاولة إخفاء ذلك أو نفيه، قلت ذلك لرئيس المخابرات الوطنية».
ولمّح أردوغان إلى احتمال تمديد حالة الطوارئ بعد الأشهر الثلاثة الأولى إذا اقتضت الضرورة، وأوضح أن حالة الطوارئ هذه ليست حظراً للتجوال، لكنها لتنظيم شؤون الناس ومواصلة الحياة اليومية، حسب قوله.
صهر أردوغان: الرئيس توضأ وصلى ورفض الهرب
روى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي براءات ألبيرق، وهو زوج ابنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تفاصيل ليلة الانقلاب، مشيراً إلى أن أردوغان كان هادئاً، ورفض بغضب اقتراح مسؤولين له بالتوجه لإحدى الجزر اليونانية، أثناء وجوده في أحد فنادق مرمريس في تلك الليلة.
وعن تفاصيل الليلة، ذكر ألبيرق أنه في ليلة 15 تموز كان في مدينة مرمريس مع أفراد العائلة، وأنه تلقى الاتصال الأول حول المحاولة الانقلابية من صهر الرئيس التركي ضياء إلغن، وهو مدرس متقاعد، وأضاف: «قال لي إنه ربما هناك محاولة انقلابية في تركيا، عقب ذلك اصطحبت الرئيس التركي إلى غرفة أخرى بعيداً عن المجلس العائلي، وأخبرته بالأمر». ومضى ألبيرق قائلاً: «في ذلك الحين حاول الرئيس الوصول هاتفياً إلى رئيس جهاز الاستخبارات، ورئيس الأركان، ورئيس الوزراء بن علي يلدرم»، مبيناً أنه استطاع الوصول إلى الأخير «وحينئذٍ تيقنّا أنها محاولة انقلابية». 
وأضاف ألبيرق في حديث له مع إحدى المحطات التلفزيونية التركية: «خلال هذه اللحظات تواصلنا مباشرة مع والي إسطنبول، ومدير أمن المدينة، وباقي المسؤولين»، مشيراً إلى أن «إعلان قائد الجيش الأول أن ما يقوم به الانقلابيون خارج إطار الأوامر التراتبية لرئاسة الأركان التركية».
وعن الحالة النفسية للرئيس في تلك الليلة، قال ألبيرق: «في ليلة المحاولة الانقلابية، توضأ أردوغان، ثم صلى ركعتين لله تعالى، ليبدأ بعدها قيادة المواجهة».
وقال ألبيرق إن الاتصال المتلفز الذي أجراه أردوغان مع محطة تلفزيونية ليلة محاولة الانقلاب، كان من النقاط المفصلية في إفشاله، مشيراً إلى أن الرئيس «سيطر على الوضع في البلاد».