العدد 1342 / 19-12-2018
قاسم قصير

بدعوة من مركز " بيت المستقبل " للدراسات الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل وبالتعاون مع مركز مارتن الاوروبي للدراسات ، انعقد في بيروت لقاء سياسي حواري تحت عنوان : "اي مستقبل للصيغة اللبنانية في حساب المستقبل السوري والعراقي "، وشارك في الاجتماع عدد من الشخصيات السياسية والفكرية والدستورية اللبنانية والعراقية والسورية.

وكان محور النقاش الاساسي حول مستقبل الصيغة اللبنانيةوايجابياتها وسلبياتها ومدى الاستفادة من التجربة اللبنانية على صعيد مستقبل سوريا والعراق.

الصيغة اللبنانية بين الايجابيات والسلبيات

بداية ما هي ابرز الموضوعات والنقاشات التي جرى التطرق اليها في هذه اللقاء حول الصيغة اللبنانية بين الايجابيات والسلبيات ؟

لقد شارك في الاجتماع الرئيس امين الجميل , وممثل مؤسسة ويلفريد مارتن للدراسات الاوروبية بانوس تاسيوبولوس ومدير مركز بيت المستقبل سام منسى , والسفير السابق الدكتور ناصيف حتي وعضو المجلس الدستوري اللبناني الدكتور انطوان مسرة والمعارض السوري الاستاذ ميشال كيلو والباحث العراقي الدكتور هاشم داوود , والباحث اللبناني الدكتور حسن منيمنة , والباحث العراقي الدكتور واثق الهاشمي , والاقتصادي السوري سمير العيطة، واعد ملخصا مكثفا للورشة الدكتور انطون صفير.

تركزت المداخلات على نقاط القوة التي تتميز بها الصيغة اللبنانية السياسية والدستورية والمجتمعية ، وخصوصا التنوع والديمقراطية والحريات والتسوية الميثاقية والليبرالية الاقتصادية واحتضان اللاجئين والنازحين من عدد من الدول العربية، في مقابل السلبيات التي تتضمن النظام الطائفي وبروز التدخلات الخارجية والصراعات التي شهدها لبنان منذ نشوئه وصولا الى التحديات المختلفة منذ الحرب الاهلية حتى اليوم , ووجود القوة المسلحة من خارج سيطرة الدولة وانتشار الفساد.

وبموازة ذلك عرض الباحثون من سوريا والعراق النقاط المشتركة بين التجربة اللبنانية والاوضاع في سوريا والعراق , والمشكلات التي يواجهها هذان البلدان وخصوصا بعد سقوط صدام حسين والاحتلال الاميركي للعراق وبروز الاتجاهات الطائفية والمذهبية ، والثورة الشعبية في سوريا وما ادت اليه من حروب وصراعات وازمات متنوعة.

الدروس المستفادة و افاق المستقبل

لكن ما ابرز الدروس المستفادة من تجربة الصيغة اللبنانية والتطورات في سوريا والعراق؟ وما هي افاق المستقبل في هذه الدول؟

من خلال النقاشات والحوارات التي شهدتها الورشة وشارك فيها اضافة للمنتدين عدد من الشخصيات السياسية والفكرية اللبنانية جرى التأكيد على اهمية التجربة اللبنانية رغم كل السلبيات والعقبات التي واجهت الكيان اللبناني منذ نشوئه الى اليوم ، وان الايجابيات تتقدم على السلبيات وان هناك حاجة دائمة لتطوير النظام اللبناني بما يتناسب مع المتغيرات الحاصلة والدروس المستفادة ، مع ضرورة معالجة التحديات المختلفة ولا سيما التدخلات الخارجية وبروز قوة عسكرية من خارج اطار الدولة والانقسامات الطائفية والمجتمعية ، وجرى التركيز على ضرورة مواجهة الفساد واقامة الحكم الرشيد لانه الطريق الاساسي لقيام دولة المواطنة والكفاءة .

ورغم كل الاشكالات والملاحظات السلبية التي اثيرت حول التطورات في لبنان وسوريا والعراق فان المشاركين في الورشة ركزوا على بعض النقاط المستقبلية التي يمكن ان تفتح الباب امام مؤشرات ايجابية من خلال قيام الدولة العادلة وتأمين الحقوق الاساسية للمواطنين والاستفادة من التجربة الشهابية في لبنان , عبر اقامة المؤسسات الادارية والرقابية التي تساعد في قيام الحكم الرشيد.

ومن ابرز الاستنتاجات التي خلصت اليها الورشة : ان الدستور اللبناني هو دستور مدني والقيد الطائفي كان قيدا مؤقتا لتأمين بعض الضمانات ، وان الواقع المأزوم اليوم قد لا يكون ناتجا عن طبيعة الدستور بل عن كيفية التطبيق , ان اللامركزية الموسعة اصبحت ضرورة اليوم وان المطلوب اليوم رفض الشمولية والصور النمطية المسبقة واللجوء للقوة لمعالجة الازمات , وان خيار الدولة المدنية هو الطريق الاقصر لمعالجة الازمات التي تمر بها دول المنطقة ، وان الصيغة اللبنانية تظل نموذجا يمكن الاستفادة من ايجابياته والابتعاد عن السلبيات التي برزت فيها منذ نوء الكيان اللبناني وحتى اليوم.

قاسم قصير