العدد 1681 /17-9-2025
بسام غنوم
لعله
من قبيل الصدف أن تعقد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة استنكارا
للعدوان الاسرائيلي على قطر الذي استهدف قادة حماس في العاصمة الدوحة، مع حدثين
هامين الأول هو الذكرى السنوية لمجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت في 15-9-1982 وأدت
الى استشهاد الآلاف من ابناء الشعبين اللبناني والفلسطيني على يد المليشيات
اللبنانية المسيحية العميلة لإسرائيل ، والتي ارتكبت مجزة صبرا وشاتيلا بإشراف
مباشر من وزير الدفاع الصهيوني الهالك آرييل شارون ، وقد ذكر الصحفي والكاتب
البريطاني روبرت فيسك بأن "مجزرة صبرا وشاتيلا من أعظم جرائم القتل الجماعي
التي وقعت في منطقة الشرق الأوسط في التاريخ الحديث".
أما
الحدث الثاني فهو عملية الإبادة الجارية حاليا في غزة على يد المجرم نتن ياهو والجيش
الاسرائيلي ، حيث يتم تدمير غزة وقتل أهلها على مرأى من العالم أجمع ، فيما الدول
العربية كافة تكتفي بالفرجة على على عملية الإبادة دون أن تحرك ساكنا تجاه ما يجري
في غزة رغم صرخات الألم والجوع التي يطلقها الغزيون ليل نهار ، وكأن ما يجري هناك
من قتل وتدمير لا علاقة له بالعرب والعروبة ، والاسلام والمسلمين من قريب أو بعيد.
والأمر
الملفت هو أن تنعقد القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة فيما يقوم وزير
الخارجية الأميركي مارك روبيو بنفس الوقت بزيارة لدولة الكيان الصهيوني ، ويؤدي ورئيس
حكومة الاحتلال بنيامين نتن ياهو طقوسًا تلمودية عند حائط البراق، وهو ما يمثل
اعتداءً صارخًا على قدسية المسجد الأقصى المبارك، وانتهاكًا سافرًا للوضع التاريخي
والقانوني القائم في مدينة القدس المحتلة.
وما اشبه الليلة بالبارحة فبعد مرور 43 سنة على مجزرة
صبرا وشاتيلا ، يقوم العدو الاسرائيلي حاليا بمجزرة جديدة بحق أهلنا في غزة هي
أكبر بأضعاف كثيرة من مجزرة صبرا وشاتيلا، وكل ذلك يجري للأسف تحت أنظار العالم
كله بالصوت والصورة على عكس ماجرى في صبرا وشاتيلا في 15-9-1982 ، حيث تمت الجريمة
تحت غطاء من الصمت وبضوء أخضر من الإدارة الأميركية وهو ما أكده المفكر والكاتب
الأمريكي نعوم تشومسكي الذي قال عن المذبحة "تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية
عن المجزرة فهي من أعطت الضوء الأخضر للإسرائيليين باجتياح لبنان في العام 1982،
وغدرت بالحكومة اللبنانية وبالفلسطينيين حين أعطت الطرفين ضمانات بسلامة
الفلسطينيين بعد مغادرة الفدائيين بيروت، إلا أن القوات الأمريكية انسحبت قبل
أسبوعين من انتهاء فترة تفويضها الأصلية بعد الإشراف على مغادرة مقاتلي منظمة
التحرير، قبل أن توفر الحماية للسكان المدنيين.. فوقعت المجزرة، ورفضت أمريكا قرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة باستنكار المذبحة".
والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا فعلت القمة العربية
الإسلامية الطارئة في الدوحة لمنع عملية الإبادة والقتل والتدمير الجارية في غزة ؟
وهل الإكتفاء بإدانة العدوان بإدانة الاعتداء الاسرائيلي
الجبان على الدوحة في قطر هو أقصى ما يمكن فعله لمواجهة الغطرسة الصهيونية في
المنطقة ؟
اسئلة كثيرة يمكن طرحها على الرؤساء والملوك العرب الذين
اجتمعوا في الدوحة حول رد فعلهم على الغطرسة الصهيونية التي وصلت الى حد المجاهرة
علنا بمشروع إسرائيل الكبرى الذي يمتد ليشمل ليس فقط فلسطين ولبنان وسوريا ، بل
يصل ايضا الى العراق ومصر وحتى السعودية ، لكن كما قال الشاعر بشار بن برد "لقد
أسمعت لو ناديت حيـًا.. ولكن لا حياة لمـن تنادي، ولو نارٌ نفخت بها أضاءت.. ولكن
أنت تنفخ في الرماد " ، فعملية الإبادة الجارية في غزة هي كما أعلن نتن ياهو
مقدمة لمشروع إسرائيل الكبرى الذي يمتد من النيل الى الفرات ، وما استهداف العاصمة
القطرية الدوحة من قبل العدو الصهيوني إلا مقدمة لمجازر أخرى تخطط لها إسرائيل في
المنطقة من أجل حلم إسرائيل الكبرى.
بالخلاصة الإدارة الأميركية التي أرسلت وزير خارجيتها
مارك ربيو الى المنطقة عشية القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة لإجهاض أي
محاولة عربية لمواجهة إسرائيل ، ويبدو أنه قد نجح نجاحا باهرا في آداء مهمته ،
وقيام مارك روبيو بتأدية طقوسا تلمودية مع النتن ياهو عند حائط البراق يؤكد أن ما جرى قبل 43 عاما في صبرا
وشاتيلا ، وما يجري اليوم في غزة من عمليات قتل وتدمير ، سوف يصل الى باقي الدول
العربية لاحقا إذا لم تقف الدول العربية والإسلامية وقفة رجل واحد في وجه مخططات
العدو الصهيوني وراعيه الأميركي ، وتقول بصوت واحد كفى قتلا وتهجيرا لأهلنا في غزة
، ولا للمشروع الصهيوني الأميركي في المنطقة . نأمل ذلك ، لكن هيهات أن يحدث هذا
في زمن الخنوع العربي.
بسام غنوم