العدد 1418 / 24-6-2020

تفاقمت الازمة المعيشية التي تعصف بلبنان واللبنانيين والتي تترافق مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي حيث وصل سعر الدولار الى ستة آلاف ليرة لبنانية في السوق السوداء ، وهو ما ادى الى ارتفاع الاسعار بصورة جنونية مما جعل عامة اللبنانيين عاجزين عن تأمين حاجاتهم الاساسية فضلا عن الخدمات الصحية والاستشفائية ، وزاد الطين بلة التقنين القاسي للكهرباء مع بدء فصل الصيف وحديث مؤسسة كهرباء لبنان عن امكانية توقف معامل الانتاج في الزهراني ودير عمار والذوق بسبب النقص في مادة الفيول ، وترافق ذلك مع نقص في مادة المازوت المستخدمة في المولدات الخاصة للكهرباء ، اولا بسبب النقص في التمويل وثانيا بسبب عمليات التهريب المنظمة للمازوت الى سوريا تحت أعين وأبصار القوى الامنية .

في ظل هذه الازمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تعصف بلبنان واللبنانيين والتي تستدعي اجتماعا وطنيا من اجل انقاذ الوطن من الانهيار تتلهى الطبقة السياسية اللبنانيية في السلطة والمعارضة على حد سواء بخلافاتها حول الحكم والحكومة والسياسة الاقتصادية للدولة ، وحول المحاور الاقليمية والدولية التي على لبنان ان يكون جزءا منها ، كأن ما يجري في لبنان وما يعيشه اللبنانييون من أزمات يجري في بلد اخر .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل يؤدي تفاقم الازمة المعيشية التي تعصف بلبنان واللبنانيين الى ثورة اجتماعية تطيح بالطبقة السياسية المسؤولة عن معاناتهم ؟

يعتقد اهل السلطة في لبنان أنهم نجحوا عبر اثارة النعرات الطائفية والمذهبية ، واطلاق التهم السياسية بالارتباط بالمشاريع الاميركية لضرب سلاح "حزب الله" ، بحق الحراك الشعبي اللبناني الذي انطلق في 17 تشرين اول 2019 في اجهاض هذا التحرك الذي تلاشت قوته شيئا فشيئا .

لكن ما يعيشه لبنان في هذه الايام والذي تتحمل الجزء الاكبر منه هذه السلطة والقوى السياسية الداعمة لها يفتح المجال امام متغيرات كبيرة على الساحة اللبنانيية لن يكون بعيدا عنها حتى جمهور ومؤيدي احزاب السلطة.

فالازمة المعيشية التي يعيشها اللبنانيون اصبحت خانقة بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية وتبخر قيمة رواتب اللبنانيين في القطاعين العام والخاص والمفاوضات التي تجريها الحكومة مع صندوق النقد الدولي تبدو وكأنها تراوح مكانها بسبب الخلاف حول تحديد الخسائر بين ارقام الحكومة ومصرف لبنان وجمعية المصارف ، وكذلك لجنة تقصي الحقائق في لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي .

هذا الامر انعكس على الواقعين المالي والاقتصادي ارتفاعا جنونيا في سعر صرف الدولار وانهيارا في معظم القطاعات الاقتصادية التي تعاني من ارتفاع سعر صرف الدولار ، فالقطاع الصحي ينذر اللبنانيين بكارثة في الايام والاسابيع القادمة ، والقطاع السياحي(-الفنادق والمطاعم- )في شبه انهيار ، والمؤسسات التجارية تعاني تراجعا في رقم اعمالها وصل الى ما يقارب الاربعين في المئة ، والقطاعات التربوية تعلن ان العام الدراسي القادم في خطر بسبب عدم قدرة اهالي الطلاب على سداد الاقساط عن العام 2019 /2020 .. الخ .

وهنا نسأل اين الحكومة مما يجري ؟

الجواب على هذا السؤال هو ان الحكومة في واد والناس في واد اخر ، لذلك بدلا من ابتكار حلول اقتصادية للتخفيف من معاناة اللبنانيين تسعى الحكومة الى رفع الدعم عن المحروقات والقمح وهو ما سيؤدي الى ارتفاع سعر البنزين الى ما يقارب الخمسين الف ليرة لبنانية والمازوت الى ما يقارب ال 36 الف ليرة وكذلك ارتفاع سعر الخبز ، واسعار المواد الغذائية والخدمات وهو اذا ما تحقق سيؤدي الى ثورة اجتماعية وشعبية قد تطيح بكل الطبقة السياسية في لبنان .

فهل سيكون لبنان على موعد مع ثورة شعبية في الاسابيع والشهور القادمة ام سيتحول الى دولة فاشلة مثل فنزويلا التي تحكمها العصابات وقطاع الطرق ، وتقمع فيها الحريات ؟

بسام غنوم