قاسم قصير

تقول مصادر قيادية في حزب الكتائب اللبناني إن الحزب يتجه نحو تصعيد مواقفه السياسية والشعبية بعد استقالة وزرائه من الحكومة، وبعد إقالة الوزير سجعان قزي من الحزب بسبب عدم التزامه قرار الاستقالة وصدور مواقف عنه غير منسجمة مع مواقف قيادة الحزب.
وتوضح المصادر أن «قرار الاستقالة من الحكومة ليس الخطوة الوحيدة التي سيتخذها حزب الكتائب في المرحلة المقبلة اعتراضاً على سياسات الحكومة ومن أجل تغيير الأوضاع السياسية في لبنان، بل سنكون أمام خطوات وقرارات جديدة ومفاجئة».
وقد عمد المكتب السياسي في حزب الكتائب إلى فصل الوزير سجعان قزي من الحزب بعد صدور مواقف عنه توحي بعدم التزامه قرار الاستقالة بشكل كامل واعتراضه على سياسات الحزب، وقد جرت محاولات من الرئيس السابق للحزب أمين الجميّل لترتيب العلاقة بين قزي وقيادة الحزب قبل قرار الفصل، لكن هذه الجهود فشلت وسارعت القيادة إلى اتخاذ القرار بإقالة قزي لتأكيد مواقفها الحاسمة في إدارة الشأن الداخلي وعدم السماح ببروز مواقع قوة داخل الحزب في وجه رئيسه النائب سامي الجميّل.
فما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء قرارات قيادة حزب الكتائب بالاستقالة من الحكومة وإقالة الوزير قزي؟ وإلى أين يتجه الحزب في مواقفه في المرحلة المقبلة؟ وهل ينجح الحزب في تصحيح المسار السياسي في لبنان في ظل الظروف والأوضاع الصعبة التي يمرّ بها البلد؟
الأسباب الحقيقية وراء قرارات حزب الكتائب
بداية ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء قرار حزب الكتائب الاستقالة من حكومة الرئيس تمام سلام، ومن ثم المسارعة في إقالة الوزير سجعان قزي من الحزب بعد اعتراضه على قرارات الحزب؟
اضافة إلى ما أعلنه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل  للأسباب التي أدت بالحزب للاستقالة من الحكومة، وذلك اعتراضاً على أداء الحكومة والصفقات التي تتم داخل الحكومة في شأن بعض الملفات الحياتية ومنها ملف معالجة النفايات، توضح مصادر قيادية في حزب الكتائب بعض الأسباب الحقيقية والخلفيات التي تقف وراء هذا القرار فتقول: «إن حزب الكتائب يتجه نحو اعتماد سياسات جديدة في معالجة الشأن اللبناني ستكون مغايرة للسياسات السابقة، وستشكل مواقف الحزب وقراراته المستقبلية مفاجأة للأصدقاء والخصوم، فالحزب لن يقبل بعد اليوم السكوت عن سياسات الحكومة الخاطئة ولن يكون شاهد زور على ما يجري في داخل مجلس الوزراء، خصوصاً أن المجلس لم يعد يعمل بشكل منتج والقرارات تتخذ دون الأخذ بعين الاعتبار الاعتراضات التي تجري داخل الحكومة، ومعظم القرارات تتم وفق صفقات مشبوهة بين بعض الأطراف السياسية ولم يعد يحق للوزراء تعطيل القرارات في ظل الوضع الاستثنائي الذي يعيشه البلد في غياب رئيس الجمهورية كما كان متفقاً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان».
وأما مسارعة الحزب إلى اتخاذ القرار بفصل الوزير سجعان قزي من الحزب بعد اعتراضه على القرار وتلميحاته بعدم الالتزام الكامل به، فتشير المصادر القيادية إلى أن هذا القرار يؤكد جدية قيادة الحزب في إدارة الشأن الداخلي وان هناك إدارة جديدة للحزب  تتبع الحزم والفاعلية وذلك لحماية الحزب من أية انقسامات داخلية أو بروز مواقع نفوذ داخل الحزب.
سياسات جديدة ومستقبل الوضع
لكن ماذا عن السياسات الجديدة التي سيعتمدها حزب الكتائب في المرحلة المقبلة؟ وما هو تأثير هذه السياسات على الوضع اللبناني؟ وإلى أين تتجه الأمور في المرحلة المقبلة؟
تقول المصادر القيادية في حزب الكتائب: إن الحزب لن يكتفي بالاستقالة من الحكومة، بل هو يتجه لاعتماد مشروع سياسي متكامل من خارج الاصطفافات التقليدية والتي سادت المشهد السياسي في لبنان خلال السنوات العشر الماضية ما بين 8 و14 آذار، فالتحالفات تغيرت وهناك تطورات سياسية جديدة والحزب يريد اعتماد خطاب وطني شامل بعيداً عن الخطابات الطائفية ولن يتحدث بعد اليوم عن الهموم المسيحية او حقوق المسيحيين بل سيركز على حقوق المواطنين وهموم المواطنين.
وأضافت المصادر أن الحزب سيتابع كل القضايا المعيشية وهموم الناس وسيركز على اعتماد قانون انتخابي جديد والإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية من خارج المرشحين المعتمدين اليوم، وهو سيتحالف مع قوى سياسية ومدنية جديدة وسيدعو لاعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة ومواجهة الفساد وتحويل هيئة الحوار الوطني إلى مؤتمر للحوار لمعالجة كافة الملفات وعدم تأخير البت بهذه الملفات.
إذن، حزب الكتائب أمام معارك قادمة لمواجهة ما يمكن تسميته «موت السياسة في لبنان»، فهل ينجح الحزب في تحريك الواقع السياسي اللبناني واحداث خضة حقيقة في البركة الراكدة، أم ان هذه السياسات ستضيع في ظل التحديات والأزمات الكبرى التي يواجهها لبنان ودول المنطقة وستكون النتيجة فقط خروج الحزب من الحكومة وإقالة الوزير سجعان قزي من الحزب؟