العدد 1682 /24-9-2025
ذكرت تقارير حقوقية حدوث تصاعد خطير في ممارسات
التنكيل ضد السجناء السياسيين في مصر، وفي وقت متزامن، أفادت معلومات عائلية موثوقة
بتعرض القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، محمد البلتاجي، لتعذيب نفسي وبدني مكثف
في محاولة لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام. ويأتي هذا في سياق يثير القلق، مع
استمرار إضرابات مماثلة في سجن بدر 3 احتجاجًا على ظروف الاحتجاز.
وأكدت مصادر عائلية أن البلتاجي يتعرض لضغوط
هائلة، حيث جرى عزله في عنبر منفصل تحت حراسة خاصة، مع تهديدات مباشرة بأن مصيره
سيكون غير معلوم لأي شخص إذا ما توفي داخل السجن. وتبيّن المصادر أن هذه الممارسات
لا تهدف فقط إلى كسر الإضراب، بل لممارسة أقصى درجات الضغط النفسي على المعتقلين
وذويهم.
وأفادت المصادر نفسها بتعرض السجناء، ومن بينهم
أنس البلتاجي، نجل محمد البلتاجي، للضرب والاعتداء الجسدي داخل غرفة الحجز في
المحكمة قبل مثولهم أمام القاضي، مما أدى إلى ظهور علامات الإصابة عليهم أمام هيئة
المحكمة. وتشير هذه الواقعة إلى أن الممارسات القمعية تمتد إلى قاعات المحاكم
نفسها، في ظل غياب الرقابة والمساءلة.
محمد البلتاجي هو طبيب وسياسي مصري بارز، شغل منصب
أمين عام حزب الحرية والعدالة بالقاهرة، وكان نائبًا في مجلس الشعب. يُعد إحدى
القيادات البارزة في جماعة الإخوان المسلمين، وبرز شخصية رئيسية في أحداث ثورة 25
يناير/كانون الثاني 2011. بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، أصبح البلتاجي من أبرز
المطلوبين، وتم اعتقاله ومحاكمته في عدة قضايا، وحُكم عليه بأحكام مطولة. وهو من
أكثر السجناء السياسيين شهرة، وتُعد محنة احتجازه رمزًا لمعاناة الآلاف.
أما أنس البلتاجي، فهو نجل الدكتور محمد البلتاجي،
وقد تم اعتقاله في أكتوبر/تشرين الأول 2013. ويواجه اتهامات بالانتماء لجماعة
إرهابية وتهم أخرى. يُعرف أنس كونه من ضمن جيل الشباب الذي شارك في الثورة،
ويُعتبر احتجازه جزءًا من سياسة استهداف العائلات لزيادة الضغط على المعارضين.
الواقعة نفسها تكررت مع باسم عودة، وزير التموين
الأسبق والأستاذ الجامعي المعروف، الذي تعرض لاعتداء جسدي ولفظي داخل محبسه في سجن
بدر 3 (الإصلاح والتأهيل)، بحسب ما وثقته الشبكة المصرية لحقوق الإنسان في بيان
لها مساء الاثنين، إذ قالت إن العقيد أحمد فكري، ضابط الأمن الوطني والمسؤول عن
قطاع (2) بالسجن، اقتحم زنزانة عودة واعتدى عليه بالضرب والتهديد، في محاولة
لإجباره على إنهاء إضرابه عن الطعام الذي يخوضه رفقة عشرات المعتقلين السياسيين
احتجاجًا على حرمانهم من أبسط حقوقهم. وخلال الاعتداء، هدّد الضابط المعتقلين بأن
يجعل من بدر 3 "أسوأ من سجن العقرب"، في إشارة إلى السجن سيئ السمعة
الذي أُغلق قبل عامين بعد أن صار رمزًا للتعذيب والإهمال الطبي والوفاة البطيئة
للمئات من السجناء السياسيين.
باسم عودة، الذي عُرف بلقب "وزير
الغلابة" خلال فترة عمله وزيرًا للتموين عام 2012، ارتبط اسمه بإصلاحات بارزة
في ملف الخبز والوقود لاقت إشادة شعبية واسعة. بعد إطاحة الرئيس الراحل محمد مرسي
في يوليو/تموز 2013، أُلقي القبض عليه، ليُحاكم في قضايا سياسية الطابع، اعتبرت
منظمات محلية ودولية أنها افتقرت إلى ضمانات المحاكمة العادلة. منذ ذلك الحين يقضي
عودة أحكامًا بالسجن المشدد، فيما ظل اسمه حاضرًا كأحد أبرز رموز المعارضة الذين
واجهوا ظروف احتجاز قاسية.
منذ الأول من يوليو/تموز 2025 دخل عدد من السجناء
السياسيين في سجن بدر 3 في إضراب مفتوح عن الطعام، بعدما وصفت رسائل مسرّبة من
داخل القطاع (2) أن المعتقلين يعيشون "موتًا بطيئًا" نتيجة الحرمان من
حقوق أساسية. هذه الرسائل كشفت عن تدهور صحي ونفسي خطير، حيث ارتبطت الأوضاع
بالحبس الانفرادي المتكرر، المنع من الزيارات، وقطع التواصل مع العائلات
والمحامين، وهو ما اعتُبر سياسة انتقامية تمارسها إدارة السجن بحق المحتجزين.