العدد 1683 /1-10-2025
مصطفى عبد السلام
تتلقى صادرات
إسرائيل واستثماراتها الضربات الموجعة، الواحدة تلو الأخرى. أبرز تلك المظاهر،
اتساع رقعة مقاطعة السلع الإسرائيلية عالمياً وبشكل متنامٍ، وتصاعد حملات ودعوات
المقاطعة، وإلغاء وتجميد عقود استيراد مع شركات إسرائيلية كبرى بقيمة تقارب
مليارات الدولارات، وتنامي العزلة الدولية لكل ما هو إسرائيلي.
وأصبحت الشركات
العالمية تفضّل عدم التعامل تجارياً ومالياً مع دولة الاحتلال، وباتت تتعامل مع
السلع والمنتجات الإسرائيلية على أنها منبوذة من المستهلك ولا تلقى رواجاً في
أسواق العالم. وفي حال التعامل، تطلب تلك الشركات من الموردين الإسرائيليين تغيير
العلامة التجارية وحذف "صنع في إسرائيل" واستبدالها بشارة دولة أخرى.
وأدى ذلك الحصار
لكل ما هو إسرائيلي إلى تعمّق العجز في الميزان التجاري الإسرائيلي والذي قفز
بنسبة 25% في النصف الأول من العام الجاري في ظل تراجع الصادرات، بما فيها السلعية
والرقائق، وزيادة الواردات، وأبرز مثال يتعلق بصادرات إسرائيل السلعية إلى الاتحاد
الأوروبي التي سجلت انخفاضاً ملحوظاً في العام الجاري، لتصل إلى 11.11 مليار دولار
بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب 2025، مُقابل 12.32 مليار دولار في الفترة
المُماثلة من 2024، وتعمّق التراجع في أغسطس الماضي، حيث انخفضت تلك الصادرات
بنسبة 25%. ومنذ بداية عام 2025، تراجعت صادرات إسرائيل إلى أيرلندا وحدها بأكثر
من 50%، خاصة من الرقائق.
صادرات الأسلحة
الإسرائيلية تلقت أيضا ضربات موجعة في ظل إلغاء صفقات من جانب دول في مقدمتها
إسبانيا التي فرضت حظرا كاملا على تلك الأسلحة وألغت عقدا تناهز قيمته 700 مليون
يورو لشراء قاذفات صواريخ، وعقدا آخر لشراء 168 قاذفة صواريخ مضادة للمدرعات بقيمة
287.5 مليون يورو. وقبل أيام، ألغت صفقة ثالثة مع شركة "رافال"
الإسرائيلية بقيمة 207 ملايين دولار، بل وذهبت إسبانيا إلى أبعد من ذلك حيث منعت
عبور الطائرات والسفن الأميركية المحملة بالأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية
المتجهة إلى إسرائيل عبر قاعدتين عسكريتين في قادش وإشبيلية.
لا يتوقف الأمر
على العزلة التي تعانيها الصادرات الإسرائيلية بل تتلقى الاستثمارات المباشرة
ضربات موجعة تعمّقت مع قيام صناديق استثمار وتقاعد دولية بسحب استثماراتها من
الشركات والبنوك والإسرائيلية، كان في مقدمة تلك المؤسسات: الصندوق السيادي
النرويجي، وهو أكبر صندوق في العالم، وصندوق التقاعد الدنماركي "أكاديميكر
بنسيون"، وصندوق الثروة الأيرلندي الذي سحب استثماراته من ست شركات
إسرائيلية، وباع أكبر صندوق تقاعد خاص في بريطانيا "يو إس إس" الأصول
التي يمتلكها في إسرائيل.
وسحبت شركة
بنسيون في الدنمارك، وهي من أكبر صناديق المعاشات التقاعدية هناك، جميع
استثماراتها من البنوك الإسرائيلية. كما قررت إدارة الخزانة الأيرلندية سحب ثلاثة
ملايين يورو كانت مخصصة للاستثمار في عدد من الشركات الإسرائيلية، وسحبت شركة
التأمين الفرنسية "أكسا" استثماراتها من معظم المصارف الإسرائيلية، وكذا
من شركة إلبيت الإسرائيلية لتصنيع الأسلحة.
وانضمت لحصار
إسرائيل ماليا وتجاريا كبريات الجامعات الأميركية والأوروبية وصناديق الاستثمار
والتقاعد التابعة لها والتي قررت سحب استثماراتها من إسرائيل، وهي بالمناسبة
استثمارات تقدَّر بمليارات الدولارات.
ببساطة، تتعرض
إسرائيل لحصار اقتصادي خانق، على الرغم من محاولات حكومة الاحتلال تجميل الصورة
البشعة وبالغة القتامة.