العدد 1381 / 9-10-2019
بينما
تتواصل الحشود والاستعدادات على طرفي الحدود التركية السورية قبل انطلاق العملية
العسكرية التركية شرقي الفرات في إطار سعيها لإنشاء منطقة آمنة تحل مكان سيطرة
وحدات حماية الشعب الكردية؛ أعلنت واشنطن عدم مشاركتها في العملية؛ مما أثار
تساؤلات عما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تخلى عن حلفائه الأكراد في إطار
صفقة مع تركيا.
فقد
قال البيت الأبيض -في بيان له عقب اتصال هاتفي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
ونظيره الأميركي- إن "القوات الأميركية لن تدعم العملية العسكرية التركية،
ولن تشارك فيها، ولن تتواجد بشكل مباشر في تلك المناطق.
ذكرت
تقارير أن مجموعتين من القوات الأميركية انسحبتا من نقطتين؛ إحداهما غربي مدينة
رأس العين والأخرى في محيط تل أبيض على الحدود السورية التركية.
بدورها،
اعتبرت قوات سوريا الديمقراطية -التي تتبع وحدات حماية الشعب الكردي- أن تصريحات
الولايات المتحدة بعدم تدخل القوات الأميركية في عملية تركية بشمال سوريا كانت
"طعنا بالظهر".
وقال
كينو جبريل المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية في مقابلة تلفزيونية "نحن
عازمون على الدفاع عن شمال شرقي سوريا بأي ثمن".
وكان
أردوغان حذر سابقا من أن صبر بلاده ينفد بعدما توصل مسؤولون أتراك وأميركيون إلى
اتفاق على إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، لكن هذا الاتفاق لم يطبّق حتى الآن، الأمر
الذي أجبر أنقرة على السعي من أجل بناء المنطقة الآمنة بمفردها.
حشود واستعدادات
على
الأرض، أعلنت أنقرة أنها أكملت استعداداتها وحشدت قواتها في انتظار تحديد ساعة
الصفر لانطلاقة العملية العسكرية، في حين ذكرت قناة "تي آر تي" التركية
أن عدسات كاميراتها التقطت مشاهد نقل وحدات حماية الشعب الكردية كتلا خراسانية إلى
مناطق حدودية في مدينة رأس العين التابعة لمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا.
واستكملت
فصائل من الجيش السوري الحر استعداداتها للمشاركة في العملية التركية، ورصدت عدسات
التلفزة دورة تدريبية لفرقة الحمزة وكتيبة سليمان شاه في منطقة عفرين.
من
جهته، أكد الإعلامي التركي طه عودة أوغلو أن أنقرة حسمت موقفها تماما في ما يتعلق
بالعملية العسكرية في شرق الفرات، معتقدا أنها ستكون محدودة، وبرضى الجانب
الأميركي وبالتنسيق معه.
ورجح
الإعلامي المقرب من الحكومة التركية أن تشمل المرحلة الأولى من العملية العسكرية
المنطقة الواقعة بين مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي ومدينة رأس العين في ريف
الحسكة، على طول يصل إلى ثمانين كيلومترا، وبعمق حده الأدنى خمسة كيلومترات.
وأوضح
عودة أوغلو أن اختيار الأتراك مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي منطلقا للعملية
يأتي كونها ذات أغلبية عربية، وهذا بدوره يعد نقطة في صالح الأتراك.
الرؤية التركية
ووفقا
للرؤية التركية، فإن المنطقة الآمنة تمتد على طول 460 كيلومترا، بعمق 32 كيلومترا
على طول الحدود التركية السورية.
وكشفت
وسائل إعلام تركية تفاصيل "خطة تأهيل" المنطقة الآمنة التي تحدث عنها
الرئيس التركي أردوغان في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحسب
ما نقلته صحيفة "ديلي صباح"، فإنه "سيجري توطين مليون سوري في مئتي
ألف منزل ستنشأ في المنطقة الآمنة، بتكلفة تصل إلى 23.5 مليار يورو، تمول من قبل
صناديق أجنبية".
وتتضمن
الخطة إنشاء 140 قرية بطاقة استيعابية تصل إلى خمسة آلاف نسمة لكل منها، كما ستشمل
إنشاء عشر بلدات مركزية بتعداد سكاني يصل إلى ثلاثين ألف نسمة لكل منها، بحيث ستضم
كل قرية من القرى التي من المتوقع إنشاؤها منازل تبلغ مساحة الواحد منها مئة متر
مربع، من أصل 350 متراً مربعاً مخصصاً لكل منزل، كما ستمنح كل أسرة أرضًا زراعية.
تركيا ترسم خريطة عسكرية جديدة بسوريا
يبدو
أن توغلا تركيا وشيكا في شمال سوريا سيعيد ترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى،
مما يعني توسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا وتوجيه ضربة للقوات الكردية على
الحدود.
وسيكون
هذا ثالث توغل من نوعه لتركيا منذ 2016، بعدما نشرت بالفعل قوات على الأرض عبر
قطاع في شمال سوريا، بهدف احتواء النفوذ الكردي في الأساس.
ما الذي تريده تركيا؟
لتركيا
هدفان رئيسيان في شمال شرق سوريا:
-1إبعاد
وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها، إذ تعتبرها خطرا أمنيا.
-2إنشاء
منطقة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الراهن.
وتدفع
أنقرة الولايات المتحدة للمشاركة في إقامة "منطقة آمنة" تمتد 32
كيلومترا في الأراضي السورية، لكنها حذرت مرارا من أنها قد تتخذ عملا عسكريا من
جانب واحد، متهمة واشنطن بالتلكؤ.
وفي
الآونة الأخيرة تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن توغل أعمق في سوريا يتجاوز
"المنطقة الآمنة" المقترحة إلى مدينتي الرقة ودير الزور، من أجل السماح
لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى سوريا.
"الجيش
الوطني السوري" ينهي استعداداته
أكد
سليم إدريس وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة أن "الجيش الوطني السوري
مستعد لأي عملية عسكرية في شرق نهر الفرات.
وأشار
إلى أن الجيش الوطني أنهى التدريبات اللازمة ووضع الخطط واستوفى كافة الشروط
للمشاركة في العملية.
وقال
إدريس في تصريح لمراسل "الأناضول"، اليوم الإثنين، إن المشاركة في
العملية "هو واجب علينا تجاه أهلنا واشقائنا شرق الفرات".
وأضاف
"المواطنون في شرق الفرات هم أهلنا مهما كانت مكوناتهم ونحن في سوريا لا نفرق
بين الأعراق والأديان، وسنحرر شرق الفرات كما حررنا غرب الفرات".
وأوضح
أن شرق الفرات هي جزء من الأراضي السورية تم احتلالها من قبل "ي ب ك" و
قاموا بطرد المواطنين وتهجير مئات الآلاف منها.
واعتبر
أن من واجبهم أن يقوموا بما يترتب عليهم لطرد هذه العصابة وإعادة المهجرين إلى
مناطقهم.
وأضاف
إدريس "مصلحة الثورة في طرد هذه المنظمة تتقاطع مع مصالح أشقائنا الأتراك،
لأن "ي ب ك" تنظيم انفصالي يهدف إلى تقسيم سوريا و تقويض الأمن
والاستقرار في تركيا أيضا".
وبين
أن اندماج فصائل الجيش السوري الحر تحت مظلة الجيش الوطني "سيعطي دفعا لها
ويرفع معنوياتها وسينهي حالة الفصائلية، وهي رسالة إلى كل الأطراف بما فيهم روسيا
والنظام بوجود جيش منظم يقوم بمهامه على أكمل وجه".
ومطلع
الشهر الجاري، أعلنت الحكومة السورية المؤقتة التابعة للمعارضة توحيد فصائل الجيش
الحر شمالي سوريا تحت مسمى "الجيش الوطني السوري"، وتم إلحاقه بوزارة
الدفاع في تلك الحكومة.