العدد 1418 / 24-6-2020

حين كانت مجموعة من الفتيات يقرأن القرآن الكريم عصر يوم الأحد داخل مصلى باب الرحمة شرق المسجد الأقصى، دخلت عليهن شرطة الاحتلال، وأخبرتهن أنهن قيد الاعتقال.

وحين رفضت إحداهن الانصياع لأمر الاعتقال ضربها شرطيّ وجرّها بالقوة، وحين اعترض أحد حراس الأقصى على دخول عناصر الشرطة بأحذيتهم إلى المصلى جُرّ معتقلا مع خمس فتيات.

كانت شفاء أبوغالية (18عاما) بين تلك الفتيات، اللواتي انتشرت صورهن على منصات التواصل الاجتماعي وهنّ يغطين وجوههن بالكمامات ويُقتدن عنوة إلى سيارات شرطة الاحتلال.

تقول خديجة خويص والدة شفاء إن ابنتها والفتيات الأخريات وصلن إلى مركز الشرطة ليجدن أوامر الإبعاد عن الأقصى تنتظرهن مع كيل من الإهانات والشتائم.

وتضيف الوالدة "بكت طفلتي الصغيرة فاطمة وهي ترى اعتقال شقيقتها وهجوم الشرطة على الفتيات وضربها لهن، حيث أسقطت إحداهن وجرّتها من قدمها، وضربت رأس فتاة بالحائط، واعتقلت أخرى بدون حذاء".

وقد أبعدت سلطات الاحتلال خويص عن المسجد الأقصى ستة أشهر بعد سلسلة إبعادات واعتقالات متواصلة. وترى المواطنة أن الاحتلال يتحكم بمرتادي المسجد، ويفرغ مسارات المستوطنين المقتحمين من المصلين، ويمارس انتهاكات عديدة تمس بسيادة الأوقاف الإسلامية على المسجد.

شجب واستنكار

بعد الحادثة بساعات، أصدرت دائرة الأوقاف الإٍسلامية وشؤون المسجد الأقصى بيانا استنكرت فيه اقتحام المصلى واعتقال الفتيات والحارس، واصفة إياها بأنها "تصرفات غير مسؤولة هادفة لتأجيج الوضع داخل المسجد وتغيير الوضع الديني والقانوني للمسجد منذ أمد بعيد" مؤكدة أن "الأقصى مسجد للمسلمين وحدهم لا يقبل القسمة أو الشراكة".

وتزامنا مع استياء مقدسي شعبي على حادثة مصلى باب الرحمة وتفاقم انتهاكات الاحتلال بحق المسجد ومصليه وحراسه، صرّح خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري يوم الاثنين أن "دائرة الأوقاف الإٍسلامية بدأت تفقد سيطرتها على الأقصى تدريجيا".

بداية فقدان السيطرة

وقد أكد الشيخ عكرمة أن شرطة الاحتلال تتدخل في إدارة المسجد الأقصى وتمنع حراسه من ممارسة عملهم وتعتقلهم وتبعدهم عن المسجد، في إبطال واضح للصلاحيات الموكلة إليهم من دائرة الأوقاف الإٍسلامية التي لم تتمكن من حمايتهم ومنع عرقلة أعمالهم.

وأشار الشيخ عكرمة إلى أن وضع المسجد الأقصى ازداد خطورة بعد إغلاقه بسبب جائحة فايروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حيث أخذت شرطة الاحتلال تقلص صلاحيات دائرة الأوقاف في الأقصى بشكل تدريجي وبقوة السلاح.

وألقى خطيب الأقصى بالمسؤولية على عاتق المملكة الأردنية الهاشمية وعلى الدول العربية والإٍسلامية، مضيفا "لماذا هذا الصمت والأقصى تنتهك حرماته، والعرب والمسلمون صامتون إن لم يكونوا متآمرين؟".

الأوقاف: سيادتنا قائمة

ويعتقد عضو مجلس الأوقاف الإٍسلامية حاتم عبد القادر أن الشيخ عكرمة لم يقصد حرفيا بداية فقدان سيطرة الأوقاف على المسجد، وإنما تحدث في سياق استعراضه للانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى.

ويرى عبد القادر أن الأوقاف الإٍسلامية تفرض سيطرتها على الأقصى رغم إجراءات الاحتلال غير المسبوقة لفرض أمر واقع.

ويؤكد أن قوة سيطرة الأوقاف تنبع من قوة الوصاية الهاشمية الأردنية القانونية والسياسية، إلى جانب استناد الأوقاف إلى قوة الجهد الشعبي في التصدي لأي تعدٍ إسرائيلي للخطوط الحمراء كما حدث في هبة البوابات الإلكترونية ومصلى باب الرحمة.

ويضيف أنه رغم إجراءات الاحتلال التي يفرضها الاحتلال في الأقصى بقوة السلاح، فإنه لم يستطع حتى الآن اتخاذ خطوة دراماتيكية داخله، مما يثبت سيطرة الأوقاف عمليا على إدارته وترميمه.