العدد 1677 /20-8-2025
أيمن حجازي




استمرت الإدارة الأميركية في تتبع أوضاع الساحة اللبنانية من خلال تدعيم الوفد الأميركي بالسيدة أورتاغوس التي شكلت مع رئيس الوفد الأمريكي باراك ثنائي جال على الرؤساء اللبنانيين الثلاثة عون وبري وسلام . وبرز في هذا التتبع تغليب أسلوب " اللطف الديبلوماسي " الذي يتقنه باراك في مقابل " الصلف الديبلوماسي " الذي يميز لغة أورتاغوس الإعلامية . وقد ترجم هذا اللطف الباراكي من خلال توجه بارك نفسه الى الخطاب المباشر مع المكون الشيعي سعيا وراء طمأنته وإقناعه بإلقاء السلاح ... سلاح المقاومة .

وقد قيل أن توجه باراك المشار اليه نحو المكون الشيعي جاء إستجابة لطرح رئيس الجمهورية جوزاف عون امام الوفد الأميريكي الزائر حول إشكالية حصرية السلاح في بعدها الشيعي الشائك . وهو بعد جدي وفاعل ، تجسد عبر موقف واحد وموحد لحركة أمل وحزب الله والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمفتي الجعفري الممتاز وعدد وازن من الشخصيات والمؤسسات الدينية والإجتماعية الفاعلة في الوسط الشيعي . وقد أجمع هذا الموقف الموحد على رفض تسليم السلاح قبل تطبيق العدو الصهيوني لإتفاق السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي والذي يقضي بالإنسحاب من الآراضي اللبنانية ووقف الإعتداءات العسكرية والأمنية المستمرة ضد الشعب اللبناني والآراضي اللبنانية . وقد ادى هذا الموقف الموحد الى نزع الميثاقية عن قرار الحكومة اللبنانية الصادر في الخامس من آب الماضي (قرار لم يوافق عليه الوزراء الشيعة الخمسة بكامل عددهم وعدتهم ) والذي يقضي بتنفيذ مبدأ حصرية السلاح في مهلة أقصاها نهاية العام الحالي . وقد أوكلت الحكومة اللبنانية الى قيادة الجيش اللبناني مهمة وضع خطة تنفيذية لترجمة " حصرية السلاح " تقدم الى مجلس الوزراء في نهاية الشهر الحالي . وقد أجمعت الجهات الشيعية الدينية وفي طليعتها نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على الإعراب عن ثقتها بأن الجيش اللبناني وقيادته لن يتصرفا بما ينافي " إرادة الشعب المقاوم " في لبنان . وينضم الى هذا الإجماع الديني بطبيعة الحال الإجماع السياسي الشيعي ممثلا بموقفي حركة أمل وحزب الله .

وبالفعل فقد نسب في اليومين الأخيرين الى قائد الجيش رودولف هيكل موقف واضح من هذه المسألة ، مفاده ان قيادة الجيش اللبناني ستضع الخطة التنفيذية لمبدأ حصرية السلاح وتحيلها الى مجلس الوزراء . وان قيادة الجيش ستنتظر فيه الإجماع السياسي حول حصرية السلاح المشار اليها ، للشروع في العملية التنفيذية لسحب السلاح او تسلمه . حيث لا يليق بحكام لبنان أن يقبلوا بمصطلح " نزع السلاح " المشين . فنزع السلاح لا يكون من المقاومة بكل نزاهتها ووطنيتها التي يجب أن تتحول الى فخر تاريخي بحق رجال ميامين كانوا ومازالوا زينة المجتمع اللبناني المتنوع . وهم أبطال المجتمع اللبناني في صيدا وصور والنبطية وبنت جبيل وكفرشوبا وشبعا ويارين وصولا الى الهرمل ومشغرة والبقاع الغربي وإنتهاء بعكار والقبيات حيث المقاوم جورج ابراهيم عبدالله الخارج من السجون الفرنسية بعد واحد وأربعين عاما من الإعتقال . إن سلاح هؤلاء الأبطال ودماءهم وعرقهم سيبقى زينة الوطن وعزه الذي يرصع الهامات . فهو السلاح الذي صنع لنا حريتنا منذ أربعين عام وأكثر . ومما يؤسف له أن هذه الحرية لا تعني شيئا إيجابيا لبعض الفئات التي تلوثت بدنس العلاقة مع العدو الصهيوني . إن شعار " نزع السلاح " لا يكون الا من المجرمين والقتلة والمتعاونين مع الصهاينة أرباب المذابح والمجازر في قانا وصبرا وشاتيلا وكفرقاسم وغزة الشهيدة البطلة المتألقة السخية العربية الإسلامية المسيحية الإنسانية بكل ما لهذه المفردات من معان نبيلة .

هذا الإجماع السياسي الذي طرحه قائد الجيش العماد رودولف هيكل هو المخرج الطبيعي للورطة والمعضلة التي وقع فيها بعض من في السلطة اللبنانية ورعاتهم في الإقليم وعواصم القرار الدولي الذي يرعون بدورهم مذبحة غزة الكبرى المستمرة تحت بصر وسمع العالم منذ عامين من الزمن .

هذا الإجماع السياسي المنشود يمثل إجماعا على الحق والحقيقة .


ايمن حجازي