العدد 1645 /1-1-2025

مع اقتراب موعد التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥ ، تتسارع دقات قلوب المرشحين للرئاسة اللبنانية الأولى . وتندفع الجموع من العرافين في الفلك والإعلام والسياسة والديبلوماسية كي يستجمعوا المعطيات المتوافرة حول هذا الإستحقاق البديع الذي يعلق عليه قسم كبير من اللبنانيين واللبنانيات آمالا عراضا ممزوجة بأطنان من الأوهام الكاذبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع . فمنذ اسبوعين تسمر كثير من المراقبين أمام شاشات التلفزة ليتابعوا كلمة سليمان فرنجية لعل الرجل يعلن انسحابه من السباق الإنتخابي ما قد يمنح الصورة الرئاسية شيئا من الوضوح المفقود . ولكن الرجل لم يعلن انسحابه حتى الآن ما دفع أولئك المراقبين الى البحث عن مشهد آخر قد يفيد الضاربين في رمل البحث عن الإسم السعيد للجمهورية التعيسة .

لقد وجد الكثير من أولئك المراقبين مطلبهم على أجنحة الطائرة السعودية الخاصة التي أقلت قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة رئيس أركان جيش المملكة . وفي أذهان القوم صورة بشير الجميل وهو في طريقه الى السعودية في صيف ١٩٨٢ تلبية لدعوة الأمير سعود الفيصل ، وهو ما اعتبر آنذاك تزكية عربية رسمية للجميل مهدت الى وصوله بعد فترة وجيزة الى سدة الرئاسة الأولى . وبعيدا عن المشهدية المقارنة ودقتها بعد اثنان وأربعين عاما من ذلك الحدث ، فإن الإعتبارات الموضوعية تؤكد أن القرار الإقليمي - الدولي الذي يتضمن كلمة سر رئاسية ناجعة قد يقرأ في هذه الزيارة المميزة لجوزيف عون المرشح لرئاسة الجمهورية اللبنانية . وتضيف الزيارة التي يعتزم وزير الخارجية السعودي الى بيروت يوم السبت المقبل ، أهمية الى زيارة عون للمملكة . وكأن فيصل الفرحان قادم الى العاصمة اللبنانية لترجمة توافق خارجي على مصير قصر بعبدا . وهو في صدد إجراء اتصالات مقنعة للأطراف المحلية الفاعلة بضرورة الإنضباط والإنتظام في سكة الحل الجزئي للأزمة اللبنانية من خلال حل معضلة الشغور الرئاسي الممجوج . والذي يجب ان يكون منسجما ومتكاملا مع متطلبات الوضع العسكري والميداني في ساحة الإشتباك الإسرائيلي - اللبناني الذي أشعل حربا صهيونية ضد لبنان إستمرت لأكثر من شهرين وارتكبت فيه أبشع المجازر التي يمكن ضمها الى سجل المجازر الصهيونية المستمرة في غزة هاشم منذ أكثر من أربعة عشر شهرا .

هذه المعطيات ، توحي بأن الأمر الرئاسي اللبناني قد حسم لمصلحة العماد جوزيف عون ، وأن البحث في تفاصيل السياسية اللاحقة يسير على قدم وساق . وهي تفاصيل تشمل رئاسة الحكومة وأسماء الوزراء والقوى السياسية الممثلة في تلك الحكومة والتوازنات الذي يجب ان تقوم داخلها . وهذا ما قد يعتبر بالنسبة للكثيرين ضربا من ضروب المبالغة في التفاؤل . هذا التفاؤل الذي يتناقض مع الواقع الذي يشي بأن موعد التاسع من كانون الثاني المقبل لن يكون حاسما . وان المرشحين كثر الى حد عدم وجود إمكانية لحصر الإختيار بين مرشحين أو ثلاثة . وأن التضارب والتناقض في الحسابات السياسية مازال يفرض نفسه على المشهد السياسي اللبناني بشكل عام وعلى المشهد الرئاسي بشكل خاص .

وفي مقابل نظرة التشاؤم المحدقة بموعد التاسع من كانون ، فإن معطيات متوافرة لدى قلة من السياسيين اللبنانيين تؤكد على أن اللجنة الخماسية الدولية لا تمزح . وهي لا تملك وقتا للمزاح والمداعبة السياسية . وأن وليد جنبلاط الذي توج مؤخرا ككبير لدهاقنة السياسة اللبنانية لا يمزح أيضا . وهو في موقع قوي لا يجعله محتاجا للجوء الى المناورة في أي مستوى من مستوياتها .

فهل يقف اللبنانيين اليوم أمام جلسة إنتخابية رئاسية صلبة ومتماسكة وممسوكة ؟ أم أنهم حيال جلسة إنتخابية لزجة تمدد لأزمة الشغور الرئاسي قبل أنتهاء موعد الستين يوما المحدد في اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان والكيان الصهيوني ؟ سؤالين مدغمين بسؤال واحد .

فهل وصلنا الى مرحلة إلغاء المسافة القصيرة الفاصلة بين اليرزة وبعبدا والممتدة من عام ١٩٩٨ حتى عصرنا الحالي ... ؟

أيمن حجازي