العدد 1648 /22-1-2025

ينذر غلق تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة بمحو مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي، وإزالة منصة مهمة تستخدمها ملايين الشركات ورواد الأعمال للتواصل مع العملاء في أكبر اقتصاد في العالم.

وزوال "تيك توك" في أميركا من شأنه أن يقلص أنشطة اقتصادية نشأت حول التطبيق الشهير الذي يستخدمه نحو 170 مليون أميركي. ومن الصعب وضع رقم دقيق لتأثير غلق التطبيق، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أمس الأحد، على الرغم من أن الشركة الصينية مالكة التطبيق أشارت إلى أن الرقم يزيد عن 20 مليار دولار سنوياً.

وتوقف "تيك توك" عن العمل في الولايات المتحدة، اعتباراً من مساء السبت الماضي، ولم يعد متوفراً على متاجر "أبل" و"غوغل" على الإنترنت، وذلك قبل تطبيق قانون ينص على إغلاق التطبيق، (أمس) الأحد. وقال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، السبت إنه سيمنح "على الأرجح" تيك توك مهلة لمدة 90 يوماً من الحظر المحتمل بعد توليه منصبه، اليوم الاثنين، وهو تعهد أشارت إليه الشركة في إشعار لمستخدمي التطبيق.

وجاء في الإشعار الذي ظهر للمستخدمين مساء السبت "أُقرّ قانون يحظر تيك توك في الولايات المتحدة... وللأسف لا يمكنكم استخدام تيك توك في الوقت الحالي... نحن محظوظون لأن الرئيس ترامب أشار إلى أنه سيعمل معنا على إيجاد حل لإعادة تيك توك بمجرد توليه منصبه. انتظرونا". ولم تحظر الولايات المتحدة منصة تواصل اجتماعي كبيرة من قبل. ويمنح القانون الذي أقره الكونغرس بأغلبية ساحقة إدارة ترامب الجديدة سلطة واسعة لحظر تطبيقات أخرى مملوكة لشركات صينية أو الدفع لبيعها.

وأصبحت منصات أخرى مملوكة لشركة بايتدانس، المالكة لتطبيق تيك توك، ومن بينها تطبيق تحرير الفيديو "كاب كت" وتطبيق التواصل الاجتماعي "ليمون 8"، غير متاحة على متاجر التطبيقات في الولايات المتحدة منذ السبت. وقال ترامب في مقابلة مع شبكة إن.بي.سي: "تمديد 90 يوماً هو شيء سيتم على الأرجح، لأنه مناسب... وإذا قررت القيام بذلك، فمن المحتمل أن أعلن عنه يوم الاثنين".

وبموجب قانون صدر العام الماضي وأيدته المحكمة العليا بالإجماع، يوم الجمعة الماضي، كان أمام المنصة مهلة حتى أمس الأحد، لقطع العلاقات مع الشركة الأم الصينية بايتدانس أو إغلاق عملياتها في الولايات المتحدة لإنهاء المخاوف بشأن تهديدها للأمن القومي. وأكد البيت الأبيض، السبت الماضي، أن الأمر متروك لإدارة ترامب لاتخاذ الإجراءات.

تيك توك يتوقف عن العمل بأميركا... فهل يعيده ترامب قريباً؟

واتهمت السفارة الصينية في واشنطن، يوم الجمعة، الولايات المتحدة باستخدام سلطة الدولة غير العادلة لقمع "تيك توك". وقال متحدث باسم السفارة "ستتخذ الصين جميع التدابير اللازمة لحماية حقوقها ومصالحها المشروعة بقوة".

ودفع الغموض بشأن مستقبل التطبيق المستخدمين، ومعظمهم من الشباب، إلى البحث عن بدائل ومنها "ريد نوت" ومقرها الصين. كما شهدت أسهم "ميتا" و"سناب شات" ارتفاعاً هذا الشهر قبل الحظر، إذ راهن المستثمرون على تدفق المستخدمين وإيرادات الإعلانات. وبعد دقائق من إغلاق "تيك توك" في الولايات المتحدة، تحول بعض المستخدمين إلى منصة إكس، التابعة للملياردير إيلون ماسك.

وقالت إيلا ليفينغستون إن الحظر سيقطع نحو 25 ألف دولار من المبيعات الشهرية لشركةCocoa Asante، وهي شركة شوكولاتة تملكها في تشاتانوغا بولاية تينيسي. وهي تتوقع وفق تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال الاضطرار إلى تسريح أربعة إلى خمسة عمال بدوام جزئي.

وأضافت ليفينغستون البالغة من العمر 31 عاماً، وهي معلمة رياضيات سابقة في المدرسة الثانوية، تنسب الفضل إلى "تيك توك" في مساعدة شركتها الناشئة على النمو بسرعة في عام 2023، بعد أن نشر أحد المؤثرين مراجعة مجاملة على التطبيق حول أحد منتجات شركتها، دون أن يطلب منها أحد ذلك: "سيكون الأمر مؤلماً للغاية".

لكن أنصار الحظر يقللون من أي تأثير على الشركات الأميركية ورواد الأعمال الذين يعتمدون على التطبيق مقارنة بما يصفونها بمخاطر الأمن القومي التي قد تتحقق، مشيرين إلى احتمال استخدام الحكومة الصينية التطبيق للدعاية أو التجسس على الأميركيين، وهو ما قالت "تيك توك" إنها لن تسمح به.

وفي مقابل الخسائر الأميركية من حظر التطبيق، فإن التأثير الأكثر سيكون على شركة بايتدانس الأم لـ"تيك توك" وموظفيها ومساهميها، بمن في ذلك الداعمون الأميركيون الرئيسيون مثل "بلاك روك" و"جنرال أتلانتيك" ومجموعة سوسكويهانا الدولية. وقدرت "بايتدانس"، التي تمتلك أيضاً شركات إنترنت في الصين، نفسها بنحو 300 مليار دولار مؤخراً. ولم تكشف عن قيمة "تيك توك"، على الرغم من أن الولايات المتحدة هي السوق الأكثر ربحية لهذا التطبيق. وكان لدى "تيك توك" نحو 7000 موظف في الولايات المتحدة اعتباراً من عام 2023.

وتكسب "تيك توك" المال من خلال بيع الإعلانات، ومن خلال أخذ نسبة من المبيعات التي يقوم بها المبدعون والشركات الصغيرة مباشرة على منصتها. وقال أستاذ الاقتصاد في كلية كولومبيا للأعمال، بريت هاوس، إن المعلنين من المرجح أن يعيدوا تخصيص إنفاقهم في مكان آخر، بما في ذلك تطبيق إنستغرام المنافس المملوك لشركة ميتا الأميركية.

يولد التطبيق أكثر من ثمانية مليارات دولار من عائدات الإعلانات السنوية، وقد ساعد في تغذية الطلب على وكلاء المواهب ومحرري الفيديو، وغيرهم ممن يدعمون عمل المبدعين والشركات الصغيرة عليه. وقدر تقرير صدر في مارس/آذار من العام الماضي 2024 بتكليف من "تيك توك"، وأجرته شركة الاستشارات "أوكسفورد إيكونوميكس"، أن الشركات الصغيرة على "تيك توك" ساهمت بمبلغ 24.2 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي في عام 2023، وهو رقم لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل.

وقال رئيس مختبر الاقتصاد الرقمي بجامعة ستانفورد، إريك برينجولفسون، إن العديد من الأميركيين سيخسرون أيضاً مصدراً مهماً للترفيه المجاني، وهو شكل من أشكال القيمة الاقتصادية في حد ذاته. وقدرت دراسة قادها، والتي تستند إلى مقدار الأموال التي قال الناس إنهم سيحتاجون إلى دفعها للتخلي طواعية عن "تيك توك"، أن المستهلكين الأميركيين حصلوا على نحو 73 مليار دولار من القيمة من "تيك توك" في عام 2023.