العدد 1645 /1-1-2025
حسان قطب
كلفة ترسيخ دعائم السلام،
اقل بكثير من نفقات اشعال الحرب، وتداعيات احلال السلام، تخدم التفاعل
والتناغم بين القوى المختلفة والمتنوعة في
منطقتنا واقليمنا، اكبر بمرات عدة من تعميق ثقافة العداء والاختلاف والمواجهة..
لذا فالتفاهم بين المكونات الاقليمية ضروري وحاجة ملحة، لضمان الاستقرار والامن
والتطور الاجتماعي والاقتصادي.. والانسجام السياسي واحترام الحريات والتعددية
الثقافية والحضارية..
ما شهدناه خلال الايام
الماضية من مؤشرات ايجابية برزت على الساحة السورية ومن ثم في تركيا ايضاًـ تقودنا
الى التفاؤل بأن عهداً جديداً بدات ملامحه تبرز في المنطقة سواء بين الدول وحتى
بين الشعوب المتعددة الاعراق والانساب والاسماء والانتماءات..
حيث ان وفداً حزبياً
تركياً زار عبدالله أوجلان في سجنه للمرة الأولى منذ 10 سنوات..وهو المسجون منذ
عام 1999، بحكمٍ مؤبد.. وقد ابدى زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان
استعداده للمساهمة في عملية السلام مع أنقرة، معتبراً أن تعزيز الأخوة الكردية
التركية هو «مسؤولية تاريخية».غداة لقائه في سجنه قرب اسطنبول، وقال بأن «إعادة
تعزيز الأخوة التركية الكردية ليس مسؤولية تاريخية فحسب... لكن أيضاً (مسألة)
عاجلة لكل الشعوب»...
وجاء الموقف الرسمي
السوري على لسان قائد المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في مقابلته مع شبكة
"العربية" ..(مؤكداً على أن الأكراد جزء من الشعب السوري، وقد ظلموا كما
ظلمت كل المكونات السورية، هذا ورحب الشرع باندماج قوات سوريا الديمقراطية في
الجيش السوري. بناءُ على هذا الموقف الايجابي والمتقدم فقد أتى الرد الكردي.
بتأكيد عضو هيئة الرئاسة في حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم، على أن المكون
الكردي لم يسمع من الشرع منذ إسقاط النظام إلا الكلام الطيب، مشددا على أن
المسؤولين الأكراد مرحبين بذلك. كما أكد على أن المكون الكردي يسعى فقط للعيش
بكرامة، موضحا أن قوت سوريا الديمقراطية حمت الشعب السوري من بطش النظام أيضاً.
وتابع أنها حملت السلاح لأسباب وحينما تزل تلك الأسباب فإنها على استعداد كامل
لترك سلاحها والانضمام للجيش السوري. وشدد على أنها قد تكون نواة للجيش السوري
نظراً لخبرتها على مدى السنوات الماضية بإدارة المعارك. )...
الاستقرار في سوريا كما
في تركيا بين المكونات العربية والتركية والكردية، يشكل مقدمة موضوعية لوقف النزيف
المستمر في الطاقات البشرية والمادية وثروات وامكانات شعوب المنطقة وهذه الدول،
ويمنع استمرار التدخل الخارجي وحتى الاقليمي من دولٍ تسعى لبث الفرقة والتباين وتأجيج
الصراع والمواجهات بما يسمح لها بالتسلل الى نسيج هذه المكونات الى عمق الدولة
التركية والسورية بذريعة حماية الاقليات او رعاية مصالحة او تامين مساعدات.. وربما
تحصيل حقوق مهدورة..
تبادل المواقف الايجابية
بين المكونات الثلاث، يجب ان يترجم ممارسات وقرارات ومسارات تنفيذية، تؤدي بداية
الى وقف اطلاق النار وحل المجموعات المسلحة، وتعزيز مفهوم الدولة والمواطنة لدى
كافة هذه المكونات والتخلي عن الاستعلاء القومي والاستكبار الثقافي لمصلحة التناغم
الثقافي وتبادل الخبرات والتعاون لتعزيز الاستقرار والاستثمار في ثروات هذه الدول
البشرية والمادية، لوقف هجرة الكفاءات من الشباب والجيل الناشيء وتعزيز التعليم
بمختلف اللغات حتى يشعر كل فريق بأن ثقافته وحضارته وعاداته وتقاليده محترمة، كما
يجب اصدار عفو عام عن احداث المرحلة السابقة على التفاهم ونزع فتائل المواجهة
للانخراط في معالجة اخطاء الماضي والتطلع للمستقبل برؤية ايجابية موضوعية حتى تنعم
دول الاقليم وشعوب المنطقة على مختلف انتماءاتها وتعدديتها بأنها جزء من
كل..يربطها المصير الواحد والمصالح المشتركة.. وان حالة السلم الاهلي والتنافس
السياسي والحريات الاعلامية والتعددية الحزبية والتداول الديموقراطي للسلطة،
البديل الموضوعي عن التناحر وتشكيل تنظيمات مسلحة تقود المنطقة الى ما لا تحمد
عقباه.. وقد راينا وعشنا الكثير من هذه الاحداث والوقائع نتيجة سوء التفاهم..
لذلك نأمل ونتمنى ان تكون
الخطوات الاخيرة سواء في سوريا او تركيا، وان التصريحات التي صدرت واللقاءات التي
عقدت جدية ونتيجة قراءة معمقة لاخطاء المرحلة الماضية التي يجب ان لا تتكرر.. وعلى
الجميع ايضا ضبط التصريحات والمواقف والممارسات التي تعيد العلاقات بين هذه
المكونات الى نقطة الصفة او العودة بالعلاقات الى مرحلة التصارع المسلح بدل التنافس
الحقيقي على تقديم الافضل لدولهم وشعوبهم...
حسان القطب