العدد 1648 /22-1-2025
عودة الرئيس
الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تشكّل منعطفاً أساسياً بالنسبة
إلى إيران لكونه صاحب استراتيجية "الضغط الأقصى" ضدها خلال ولايته
الأولى (2017-2021)، وهي كانت وما زالت لها أصداؤها داخل إيران المثقلة بالأزمات،
خصوصاً الاقتصادي منها، وخارجها المتصل بسياساتها ودورها الإقليمي.
أطلق ترامب هذه
الاستراتيجية بالانسحاب من الاتفاق النووي عام 2018، وتخللت تنفيذها فصول توتر غير
مسبوق بين إيران والولايات المتحدة كادت أن تشعل مواجهة عسكرية بين البلدين بعد
اغتيال أكبر جنرالات إيران قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، في مطلع عام
2020 في بغداد بضربة جوية أميركية. كما أدت العقوبات القاسية التي أعاد ترامب
فرضها على إيران إلى نشوء أزمات اقتصادية، ما أثر سلباً على الرصيد الاجتماعي
للجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبرزت آثارها في احتجاجات خلال السنوات الأخيرة.
إيران تواجه
أزمات متفاقمة
واليوم مع عودة
ترامب إلى السلطة مرة أخرى، فإن إيران تواجه أزمات أكثر تفاقماً من قبل، ما جعل
هذه الدولة الغنية بالنفط والغاز تعاني من نقص الوقود، ما أدى إلى جدولة الكهرباء
في الشتاء لأول مرة، وذلك وسط المزيد من المخاوف من أن يعيد ترامب ممارسة الضغوط
القصوى بنسخة أكثر تشدداً من قبل.
استبق الرئيس
الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان استلام ترامب السلطة بتوجيه عدة رسائل له، عبر
قناة "إن بي سي" الأميركية أخيراً، تنوعت بين رسالة "مهادنة"
عبر الإعلان عن الاستعداد للتفاوض معه وطمأنته بأن إيران لن تسعى إلى اغتياله،
وأخرى رسالة "قوة" من خلال التأكيد أنها مستعدة للرد والدفاع عن نفسها
إذا قررت أميركا أو إسرائيل، أو الاثنين معاً، مهاجمتها والقول إن إيران "لا
تخشى الحرب"، فضلاً عن رسالة نقد وانتقاد عن طريق اتهام غير مباشر للإدارة
الأميركية المقبلة بأنها تريد إسقاط النظام الإيراني "وليس حل
المشكلات"، ومنتقداً خروج ترامب من الاتفاق النووي وعدم التزامه بالتعهدات الأميركية
المنصوص عليها في الاتفاق بينما أكد أن بلاده "التزمت بجميع تعهداتها".
لكن تصريحات
بزشكيان عن التفاوض لقيت انتقادات لاذعة من أوساط محافظة إيرانية، إذ اتهمه
الإعلامي مهدي فضائلي، عضو مكتب نشر أعمال المرشد الإيراني علي خامنئي،
بـ"الخيانة". ويقول إن التفاوض الإيراني مع أميركا "خيانة للعالم
أجمع وأفول القوة الأميركية العظمى محل إجماع"، متسائلاً: "أليس إبداء
الشغف بالتفاوض في هذه الظروف تعزيزاً لقناعة الحكام الأميركيين بأن لهم اليد
العليا؟".