لافتاً كان مشهد عشرات آلاف الغزّاويين يعودون مشياً على الأقدام من رفح وخان يونس وجنوب قطاع غزّة إلى مدينة غزّة وشمال القطاع في اللحظة الأولى التي تمّ فيها فتح معبر "نتساريم" وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منه. لقد بدا المشهد طوفاناً بشرياً هائلاً يجرف في طريقه كلّ شيئ، حتى أنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي قيادة وجيشاً ومستوطنين صُدموا من هذا المشهد الأسطوري الذي أكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ هزيمة هذا الشعب مستحيلة، خاصة وأنّه يعود إلى أرضه وبلداته ومنازله وهو يدرك مسبقاً أنّها مهدّمة مجرّفة قد سوّاها الاحتلال بالأرض، ومع ذلك يصرّ على العودة وبنائها من جديد وأفضل مما كانت. وفي جنوب لبنان كاد المشهد يكون مماثلاً. فقد عاد أهالي قرى الحافة الحدودية إلى قراهم المدمّرة بعد انقضاء مهلة الستين يوماً على الرغم من معرفتهم أنّ قوات الاحتلال ما تزال جاثمة على أرضهم وفوق ركام منازلهم، وعلى الرغم من معرفتهم أنّ هذه العودة قد تعرّض حياتهم للخطر، وهو ما حصل بالفعل عندما أطلقت قوات الاحتلال النار على العائدين العزّل فأردت منهم بضعاً وعشرين شهيداً مدنياً ذنبهم الوحيد أنّهم أردوا العودة إلى بيوتهم وقراهم وأرزاقهم. مشهدان متلازمان ومتماثلان في جنوب فلسطين وفي جنوب لبنان أكّدا ما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ إرادة الانتصار عند الشعبين اللبناني والفلسطيني حاضرة على الدوام، وأنّ التمسّك بالحقّ لا يمكن أن يتراجع أو أن يطمس الحقيقة ويجعل الحقّ في غياهب النسيان. هذا الطوفان البشري الهادر كرّس حقّ العودة للشعب الفلسطيني إلى فلسطين، وحقّ الجنوبيين بالعودة إلى قراهم في المنطقة الحدودية، وأسقط إلى غير رجعة أوهام الاحتلال الإسرائيلي بالقضاء على حقّ العودة، وتصفية القضية الفلسطينية، كما أفشل أو سيفشل لاحقاً أوهام الاحتلال بتنفيذ مخططاته بترحيل وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة إلى مصر أو إلى أيّ مكان في العالم، وأبناء الضفة الغربية إلى الأردن، وأبناء جنوب لبنان إلى الداخل اللبناني أو إلى أيّ مكان في العالم. لقد زرع هذا الطوفان الجديد، شكلاً ومضموناً، في رؤوس المحتلين الصهاينة شكّاً سيكبر يوماً بعد يوم في إمكانية البقاء في فلسطين أو في إمكانية استمرار احتلالها، فما مات حقّ وراءه مطالب، وبعد معركة "طوفان الأقصى" لم يعد في قاموس الفلسطينيين ولا حتى اللبنانيين ولا حتى الشعوب العربية قاطبة معنى للهجرة والتهجير، فما بعد "طوفان الأقصى" و "طوفان العودة" تحرير وعودة إلى كلّ ديار فلسطين. أمّا عنّا نحن في لبنان، فإنّ مشهد "طوفان العودة" يجب أن يعزّز الثقة عندنا ولدينا أنّ فزّاعة التوطين التي كانت حاضرة على الدوام ليست سوى خدعة أثارها المشبوهون لإيقاع الشكّ والخلاف والفرقة بين اللبنانيين والفلسطينيين كما لو أنّ الفلسطيني استسلم ورفع الراية البيضاء وتخلّى عن وطنه وأرضه في فلسطين، وبالتالي فإنّ هذا المشهد الأسطوري بما تعنيه الكلمة يجب أنْ يعزّز القناعة عندنا أنّ فكرة التوطين لا مكان لها في قاموس الفلسطيني، لا في لبنان، ولا في أيّ مكان، بل سيعمل هذا الفلسطيني إلى شدّ الرحال من جديد إلى فلسطين حتى تعود إلى أهلها وناسها. وأمّا عن نيّة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترمب، الذي صرّح بأنّه طلب من الأردن ومصر وغيرها من البلدان استقبال المزيد من الفلسطينيين من أبناء غزة تحت عنوان إنساني، فقد جاء الردّ عليه بهذا الطوفان الهادر الذي أكّد لكل الدنيا والعالم أنّ شبراً من غزة وفلسطين، يقيم عليه الفلسطيني خيمته، أثمن من كل بقاع العالم، وأنّ إرادة البقاء أقوى من كل سياسات التهجير والإقصاء.
انتهت مهلة الستين يوما في اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني الذي تم التوصل اليه في السابع [...]
بعد أكثر من عامين من الشغور الرئاسي ، تمت عملية الإنتخاب الرئاسي بقدرة قادر . وانتخب قائد الجيش العماد [...]
تكاد الروايات الإعلامية تجمع على ان أطراف اللجنة الخماسية الدولية قد عقدت النية والعزم والعزيمة على تسمية [...]
اقتراب موعد التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥ ، تتسارع دقات قلوب المرشحين للرئاسة اللبنانية الأولى . وتندفع [...]
تقدم العماد جوزف عون في طريقه الى قصر بعبدا ولكنه لم يحسم المعركة ، لا هو ولا المؤيدين الإقليميين والمحليين [...]