نقترب من مرور شهر على تكليف القاضي نوّاف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى، والرجل ما زال يدور في دائرة مفرغة، وما أن يسرّب بعض المقرّبين منه من نوّاب التغيير أنباءً عن قرب إعلان الحكومة حتى يعود الرجل إلى المربع الأول ويكتشف اللبنانيون أنّ ما جرى الحديث عنه سراب بسراب. لقد وعد الرئيس المكلّف بتشكيل حكومة في أسرع وقت وخلال أسبوع أو أسبوعين على أبعد تقدير ومن أصحاب الكفاءات التي تروق له وحده ربما، فإذا به يجد أنّ "روما من فوق غير روما من تحت"، لقد اكتشف الرجل حجم التعقيدات في المشهد اللبناني، وحجم التناقضات في مسرح السياسة اللبنانية، ربما لأنّه عاش أغلب وقته خارج لبنان، وبالتالي فهو لا يعرف الكثير من الأشياء والأمور وحجم القوى وتأثيرها في لبنان، فإذا به يكتشف كلّ يوم جديد شيئاً جديداً يجعله يعيد حساباته في تشكيل الحكومة، وبالتالي يعود إلى المربع الأول. لقد تحدّث رئيس الحكومة المكلّف عن مسألة المداورة في توزيع الحقائب الوزارية في إشارة في حينه إلى رفضه أن تكون وزارة المالية تحديداً حكراً على الطائفة الشيعية دون غيرها من الطوائف، فإذا به يعود عن مبدا المداورة ويعلّل ذلك ويقبل أن تكون هذه الحقيبة من حصّة الطائفة الشيعية، وهذا ليس أمراً عيباً أو خرقاً للدستور أو القانون، إنّما هو تراجع الرئيس المكلّف عن حديث تحدّث به، بل أكثر من أن يعطي هذه الحقيبة للطائفة الكريمة إنّما نزل على شروط الثنائي بأن تكون من نصيب النائب السابق ياسين جابر، وقد نُقل أنّ الرئيس نبيه برّي قال للرئيس المُكلّف لدى ثلاثة أسماء لحقيبة المالية هم: ياسين جابر وياسين جابر وياسين جابر. لقد تحدّث الرئيس المكلّف عن مسألة أصحاب الاختصاص من غير الحزبيين وخارج منطق ومبدأ المحاصصة، فإذا به يعود عن ذلك، ويقبل منطق وجود حزبيين في الحكومة على قاعدة أنّها حكومة تكنوسياسية، أي من اصحاب الاختصاص والسياسة على حد سواء، وصولاً إلى أنّ الأحزاب بدأت ترسل لها أسماء مرشحيها الحزبيين لهذه الوزارة أو تلك. تحدّث الرئيس المكلّف عن معايير واحدة عند اختيار الوزراء بغض النظر عن أيّ شيء آخر، فإذا به يطبّق ذلك في مكان ويخرج عنه في مكان آخر، بمعنى أنّه يُخضع بعض الأسماء المرشحة لهذه المعايير ولا يُخضع غيرها، وبالتالي فقد أطاح بمبدأ المعايير التي طرحها هو نفسه. أمّا على صعيد تمثيل السُنّة في الحكومة فقد راح يتصرّف كما لو أنّ السُنّة ليس لهم نوّاب يمثّلونهم، كما لو أنّه ليس لديهم قوى سياسية شعبية يثقون بها، كما لو أنّه ليس لديهم مرجعية كبرى على قدّ الوطن، كما لو أنّهم طارئين على البلد، ولذلك ارتفعت الصرخة السنّية بوجهه بدءاً من نوّاب العاصمة إلى نوّاب الشمال عموماً إلى القوى السياسية بشكل عام. لقد راح الرئيس المكلّف يفقد البيئة التي يُفترض أن يمثّلها في بلد يقوم نظامه السياسي على احترام حضور المكوّنات ودورها من دون أن يعني ذلك التخلّي عن الانتماء الوطني والعمل لصالح الوطن وحمْل همومه والعمل على إخراجه من الدوّامة التي يعيش فيها. تشكيل الحكومة أمام مأزق حقيقي اليوم في ضوء طريقة مقاربة مسار التشكيل، وهذا يشكّل إضاعة للفرصة القائمة حالياً من أجل الإفادة من الدعم العربي والدولي لإخراج لبنان من أزمته، وآن الأوان لطريقة أخرى أكثر فهماً واستيعاباً تضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار. بيروت في 5/2/2025
انكشف الوضع السياسي الداخلي أكثر وأكثر ، وانقشعت بعد تكليف الرئيس نواف سلام برئاسة الحكومة غيوم كثيرة [...]
انتهت مهلة الستين يوما في اتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان والكيان الصهيوني الذي تم التوصل اليه في السابع [...]
بعد أكثر من عامين من الشغور الرئاسي ، تمت عملية الإنتخاب الرئاسي بقدرة قادر . وانتخب قائد الجيش العماد [...]
تكاد الروايات الإعلامية تجمع على ان أطراف اللجنة الخماسية الدولية قد عقدت النية والعزم والعزيمة على تسمية [...]
اقتراب موعد التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥ ، تتسارع دقات قلوب المرشحين للرئاسة اللبنانية الأولى . وتندفع [...]