العدد 1624 /6-8-2024
قاسم قصير
قاسم قصير
في ظل تصاعد العدوان الصهيوني على لبنان وبعد
استهداف الضاحية الجنوبية واستشهاد القائد الجهادي فؤاد شكر وعدد من المدنيين
والاطفال برزت ملامح الوحدة الوطنية في مواقف العديد من القيادات الدينية
والسياسية ولا سيما مواقف قادة طائفة الموحدين الدروز والرئيس السابق للحزب
التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ودار الفتوى والجماعة الاسلامية ، كما نجحت
البطريركية المارونية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في تجاوز أزمة مقاطعة نائئب
رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب للقاء المرجعيات الروحية والذي عقد قبل
أسبوعين في بكركي على شرف أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين ، وعادت
الحرارة الى الإتصالات واللقاءات بين الموفدين من بكركي وحارة حريك وذلك للبحث في
كيفية مقاربة الأوضاع الداخلية والتحديات الخارجية والتوصل الى رؤية وطنية لمقاربة
هذه الأوضاع .
فكيف وحّد العدوان الصهيوني مواقف معظم
القيادات الدينية والسياسية ؟ وما هي اليات العمل من اجل بلورة مشروع وطني موحد
لمواجهة العدوان الصهيوني ؟
تجاوز الخلافات وتعزيز الوحدة الوطنية
بداية اين اصبحت العلاقة بين البطريركية
المارونية والمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى؟
تؤكد مصادر مقربة من المجلس الإسلامي الشيعي
الأعلى : ان المجلس حريص على العلاقات التاريخية مع البطريكية المارونية ومع كل
المرجعيات الدينية في لبنان وكذلك مع الفاتيكان ، وان قرار مقاطعة اللقاء في بكركي
قبل حوالي الشهر كان مرتبطا بمواقف محددة أطلقها البطريرك بشارة الراعي حول
المقاومة وانه تمت معالجة الامر من خلال الموفدين الذين زاروا المجلس واوضحوا ما
حصل وحرص بكركي على رفض توصيف المقاومة بالإرهاب والتأكيد على مواجهة العدوان
الصهيوني على لبنان .
لكن الأهم من الإتصالات واللقاءات بين بكركي
وحارة حريك لمعالجة الإشكالات الطارئة في العلاقة ، الجهود التي تبذل اليوم من قبل
هاتين المرجعيتين الروحيتين وبالتعاون مع بقية المرجعيات الدينية ولا سيما شيخ عقل
طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى ومفتي الجمهورية اللبنانية
الشيخ عبد اللطيف دريان وبقية المرجعيات الدينية من مختلف الطوائف في سبيل العمل لبلورة رؤية وطنية لمقاربة كل
التطورات والأحداث الداخلية والخارجية وكيفية مواجهة العدوان الصهيوني على لبنان ،
ورغم ان هذه الجهود لا تجري دائما بالتنسيق المشترك فانها تلتقي على هدف واحد وهو
العمل المشترك لإتقاذ لبنان وحمايته .
جهود وطنية متعددة
وفي ظل استمرار العدوان الصهيوني على لبنان
وما يجري من حرب على قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة فان هناك جهودا متواصلة
لتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الموقف اللبناني .
فعلى صعيد بكركي فقد جرى قبل حوالي العام
إطلاق " منتدى التفكير الوطني" وهو منبر مشترك يضم ممثلين عن كل الطوائف
اللبنانية وهدفه بحث القضايا الوطنية وإعداد رؤية مشتركة لرفض التقسيم الفيدرالية
والعمل لتطبيق إتفاق الطائف وتحقيق اللامركزية ومواجهة التحديات المختلفة ومنها
أزمة النزوح السوري وحماية القيم الدينية ، وعقد المنتدى سلسلة لقاءات خلال الأشهر
الماضية وهو مستمر بجهوده ويحظى بدعم كبير من قبل البطريرك الراعي .
كما تشهد بكركي عقد ورشات حوارية مستمرة تضم
ممثلين عن الأحزاب المسيحية والمؤسسات المارونية المختلفة بهدف وضع رؤية وطنية حول
مختلف التطورات ، في حين أن ورشا اخرى تضم شحصيات لبنانية قانونية وأكاديمية
وإعلامية وفكرية من مختلف الطوائف وهذه الورش تعقد بعيدا عن الأضواء وتشهد مناقشات
عميقة وتوصلت الى مقاربات جديدة بشأن الحياد وأنه لا يمكن تطبيقه عمليا في لبنان
وهذا يتطلب مقاربة جديدة ومصطلحات جديدة ولكن حتى الأن لم يتم الكشف عن نتائج هذه
الورش الحوارية بانتظار التوصل الى رؤية متكاملة .
وكما انه تم تشكيل لجنة مشتركة من المجلس
الإسلامي الشيعي الأعلى والبطريكية المارونية بهدف تعميق الحوار وعقد أنشطة مشتركة
حول مختلف الموضوعات وقد تم عقد الورشة الأولى قبل شهرين في المركز الكاثوليكي
للإعلام وسيتم إستكمال ذلك لاحقا .
وعلى صعيد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى فهو
يشهد ورشة فكرية وحوارية مستمرة برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
العلامة الشيخ علي الخطيب من أجل مقاربة مختلف التطورات الداخلية والخارجية ووضع
رؤية متكاملة حول هذه التطورات إنطلاقا من المواقف والثوابت التي أرساها المجلس
منذ تأسيسه ومن خلال مواقف رؤسائه السابقين الامام السيد موسى الصدر والامام الشيخ
محمد مهدي شمس الدين والامام الشيخ عبد الأمير قبلان ، كما يحرص الشيخ الخطيب على
التواصل مع مختلف المؤسسات الحوارية
والدينية والمرجعيات الدينية في لبنان وفي
الخارج بهدف تعزيز الوحدة الوطنية والإسلامية ونصرة القضية الفلسطينية والدفاع عن
المقاومة ودعم أبناء الجنوب والذين يتعرضون اليوم لعدوان إسرائيلي كبير ، وتحولت
مجالس العزاء في عاشوراء في المجلس الى منبر وحدوي وطني وإسلامي من خلال دعوة
مختلف الشخصيات اللبنانية من مختلف الطوائف .
كما يسعى ملتقى الاديان والثقافات للتنمية
والحوار والمنسقية العامة لشبكة السلم الاهلي ومؤسسات حوارية اخرى مثل الجبهة
الوطنية والمجمع الثقافي الجعفري والهيئات الثقافية اللبنانية وحزب الخضر اللبناني
ومركز تموز للتكوين على المواطنة ومركز عكار للتنمية وغيرها من المؤسسات الثقافية
من اجل تعزيز الوحدة الوطنية وعقد لقاءات وطنية مشتركة لاتخاذ مواقف واضحة ضد
العدوان الصهيوني على لبنان .
فهل ستحقق هذه الحوارات والنقاشات نتائج
عملية والوصول الى رؤية وطنية موحدة ؟ اما ان الخلاف حول كيفية مقاربة التطورات
ستتقدم على الرؤية المشتركة ؟
قاسم قصير