العدد 1634 /16-10-2024

لا شكّ أن تدحرج الأمور بعد 7 اكتوبر أصبح أكثر تعقيدا وعنفا فبين مؤيّد ومعادي للقضية الفلسطينية وكأن كل من يدافع عن فلسطين هو معاد للسامية ,تحول الجدال اليوم إلى ما هو أوسع من القضية الفلسطينية وسعي إسرائيل إلى تحقيق مكاسب استراتيجية نظراً لفشلها في الجبهة الجنوبية وإحساسها بأن الوقت أصبح مناسب لتحقيق إنجازات إقليمية فهي لم تنسَ الجبهة الغزاوية وفشلها في القضاء على حماس واسترجاع المختطفين واستحداث منطقة عازلة تفصل غزة عن حدودها السابقة لفلسطين المحتلة ولكنها تحاول تحقيق إنجازات وطموحات تكون أكبر من الفشل في السنة الماضية ما يعيد ماء وجهها ويخفف من المعارضة الداخلية.

لا شكّ ان 7 أكتوبر كان نقطة محورية مهمة قلبت الموازين والتكتيكات بصورة فجائية وأظهرت وجه إسرائيل المخفي الذي لم يبقَ على كما بدأ فعلاً فقد بدأ على أنه كيان يفاوض على السلام مقابل الأرض. اليوم ومع إعتلاء نتنياهو زمام الأمور أصبح التفاوض على السّلام مقابل السلام وكأن الارض أصبحت من المسلمات المعترف بها. إسرائيل اليوم هي أكثر عدائية وأكثر عنفا خاصة على أن نتنياهو يعتمد مبدأ الوثيقة الاستراتيجية لتأمين الدولة التّي وضعها المحافظون الجدد سنة 1996 والتي من اولى أهدافها هي التفاوض على السلام مقابل السلام.

ليست الامور تبدو دائما كما تظهر ببساطتها فهي قدّ تبدأ من شرارة صغيرة (7 أكتوبر اليوم المعهود) الذي أقدمت المقاومة الاسلامية على خلخلت أمن إسرائيل وكشفت استهتار الكيان وقدرتها الهجومية عليه, وبالتالي تحاول إسرائيل إرجاع الأمور الى النصاب الذي تهوى والذي كانت تعمل عليه في الفترات السابقة. فهل 7 أكتوبر سيكون السبب المباشر للحرب العالمية الثالثة وإن كان هناك أسباب غير مباشرة جرّت الأمور الى الحرب الواسعة؟ لقد كنا سابقا ننفي أي خطر في الحرب الشاملة طالما الولايات المتحدة وإيران لا يريدان الحرب ولكن إسرائيل ترى أن الظروف ملائمة في إخضاع ايران وتسعى بصورة جدية الى إغماس الدوليتين في الصراع وبذلك يدق ناقوس الخطر.

إن مقتل السيد حسن نصر الله أعطى الصهاينة لحظات نشوة جعلتها ترتقي الى الطغيان وإحساسها بقدرتها الى المضي بالأهداف الإقليمية دون أن تنسى الجبهة الفلسطينية في غزة فقامت وادعت بالعلن أنها ستعيد ترتيب الشرق الأوسط بما يتلاءم مع مصالحها في حين ادعت أمريكا أنها سلطة الرب على الارض والطّغيان سيزيد شيئا فشيئا دون رادع.

من أهم السيناريوهات الموجودة:

من جهة الكيان الصهيوني, سيزيد من عنفه وإجرامه أكثر فأكثر في ظل الصمت العالمي ولا سيما العربي أو الإسلامي فتسعى إلى تحقيق أهداف قديمة كانت ترجوها وتعمل عليها إذا أحست أن ساعة الصفر حانت لتحقيق الأهداف الاستراتيجية بصورة سريعة.

بالنسبة لجبهة لبنان ستشتدّ الأمور أكثر ويزداد الشحن والضغط الطائفي على الحزب مع سعي الدولة إلى تهدئة الأمور بين الحزب والطائفة المسيحية بحيث يقف الحليف السني الى جانب المقاومة الذي يرى دائما ان وجهته الاولى هي التخلص من العدو وأن حربه مع بني يهود أزلية. وسيزداد العدوان عليه في المساعي وفي المفاوضات ومراهنة العدو على أن لبنان يسعى للحل الدبلوماسي.

أما بالنسبة لحركات المقاومة في فلسطين سيكون بطش وطغيان الكيان الصهيوني عليهم كبير من مجازر وتخطي جميع الحدود والخوف الأكبر هو التعدّي على المسجد الاقصى في ظل هذا السّكوت والتشتت العالمي.

نحن على مشارف الحرب الشاملة إن دخلت الولايات المتحدة الحرب بعد شهر نوفمبر والكل يعلم أن الأوضاع خطيرة وهي على مشارف الهاوية وخاصة أن اسرائيل في هذه المرحلة لم تحدد أهداف فعلية لها وجعلتها مفتوحة كما يتناسب الظروف ومعطيات الصراع معلنةً بذلك بدايتها للحرب. فأي مكسب ستحصل عليه في ظل هذا التخبط والتداخل؟ هل تجتاح غزة وتفرض منطقة عازلة؟ أو ربما ستقضي على الضفة وتحقق خطة الجنرالات؟ أو تجتاح جزئيا او كليا لبنان محققة بذلك مكسب التوسع؟ أو قدّ تقضي على المشروع النووي الإيراني وتبقى هي صاحبة السلاح النووي الأوحد في المنطقة؟ لربما سيكون هذا الطغيان الكبير هو ذروة الكيان ثم يبدأ بالانهيار السريع والتدريجي. كل الاحتمالات اليوم مفتوحة وواردة والنتائج ستكون تبعا الفعل وردات الفعل في المنطقة.

وهكذا يتجلى الصّراع بين من يحاول أن يرسم التاّريخ ويعمل استراتيجيا في توسع الكيان الصهيوني ومن يصنع التّاريخ ويحقق بطولات وإنجازات جديدة معززا دور المقاومة في الضغط على العدو وإضعافه.

المهندسة المعمارية زهية عبدالله