العدد 1649 /29-1-2025
محمد البديوي
لم ينشر
البيت الأبيض حتى اللحظة بياناً عن مكالمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي، حيث اكتفى بحديث ترامب عنها بالقول إنه تحدث مع السيسي
بشأن نقل بعض سكان قطاع غزة إلى مصر، وأنه "يعتقد أن الرئيس المصري سيقبل
ذلك"، على عكس ما فعل عندما تحدث مع العاهل الأردني وآخرين.
وطرحت مسألة عدم نشر أي بيان عن المكالمة، التي
ترافقت مع نفي مصدر رفيع المستوى من الجانب المصري إجراء مكالمة بين الرئيسين، عدة
أسئلة عن توثيق المحادثات الرئاسية الأميركية، وكيف تتم ومتى بدأت العملية، وهل
هناك بيانات عن مكالمات رئاسية لم تنشر من قبل، وهل تجاهل البيت الأبيض من قبل
خلال فترة ترامب عدم نشر بيانات عن مكالمات للرئيس مع الزعماء الأجانب.
هل تُسجَّل المكالمات الرئاسية؟
الرئيسان الوحيدان في تاريخ الولايات المتحدة
اللذان سجلا مكالماتها هما فرانكلين روزفلت وريتشارد نيكسون. والأخير لم يسجل فقط
محادثاته مع مسؤولين آخرين في الإدارة أو مكالماته الرئاسية، بل أيضاً مكالماته مع
أفراد الأسرة، ومكالماته مع موظفي البيت الأبيض. واستخدمت هذه التسجيلات بشكل أو
بآخر دليلَ إدانة في أثناء تحقيقات فضيحة ووترغيت. دفعت هذه الآلية الرؤساء
التالين له إلى عدم تسجيل أي شيء.
ما الآلية التي تُتَّبَع حالياً؟
منذ عهد نيكسون يجري الاستماع إلى المكالمات
وكتابتها يدوياً، ومنذ ذلك الحين، تُستخدَم عملية تُسمى "مذكرة محادثة
هاتفية" لتوثيق المكالمات الهاتفية الرئاسية.
كيف تُسجَّل المكالمات هاتفياً؟
عند اتخاذ قرار بأن الرئيس يحتاج إلى التحدث إلى
رئيس دولة أجنبية، يجري الاتصال بغرفة العمليات في البيت الأبيض، ويُحدَّد موعد
المكالمة، وتتواصل غرفة العمليات مع موظفي الزعيم الأجنبي ويعدد موعد لها، وفي يوم
المكالمة، يذهب مدير غرفة العمليات إلى المكتب البيضاوي وينضم إليه مستشار الأمن القومي
وأحد نوابه، وربما رئيس موظفي البيت الأبيض، وعادة أحد كبار مديري مجلس الأمن
القومي المسؤول عن المنطقة من العالم التي ينتمي إليها ذلك الزعيم، وذلك حسبما شرح
لورانس فايفر، المدير السابق لغرفة العمليات في البيت الأبيض خلال إدارة أوباما في
تصريحات سابقة لصحيفة WTOP.
تُراجَع نقاط الحديث التي ربما حصل عليها الرئيس
مسبقاً، بهدف التأكد مما يجب قوله وما لا يجب قوله، وعندما يُعطى الرئيس الإشارة
يجري الاتصال ويُحضَر الرئيس الأجنبي للمكالمة، ثم يطلب من الرئيس التقاط سماعة
الهاتف، ثم يبدأ توثيق المكالمة، حسبما يقول فايلر.
وتُنتَج نسخة أولية من المكالمة من طريق ضابطين أو
ثلاثة مناوبين، إذ يرتدي جميع الضباط المناوبين سماعات رأس مزودة بميكروفون، ويكتب
اثنان منهم كل مقطع لفظي وكل جملة يسمعونها بسرعة، بأفضل ما يمكن، يستخدم الشخص
الثالث ممارسة مختلفة قليلاً، الذي يكون في غرفة هادئة في مكان ما، وهم يكررون في
الميكروفون كل ما تسمعه من الرئيس والزعماء الأجانب، كلمة بكلمة، وينتقل صوت ضابط
الخدمة هذا إلى جهاز كمبيوتر، وتُنشأ نسخة منقحة من صوت الضابط، ما يؤدي إلى تكرار
المكالمة.
وعقب ذلك، يجمع ضباط الخدمة إصداراتهم من النصوص
الثلاثة، ويقومون بتوفيقها في نسخة واحدة، وبهذا يُنتَج النص ويُقدَّم إلى مديرية
مجلس الأمن القومي المسؤولة عن المكالمة. شرح فايفر أن هذه النسخة قد تكون نسخة
مفصلة سطراً بسطر وكلمة بكلمة أو ملخصاً مكتوباً للمكالمة، أو عبارة عن تلخيص قصير
جداً، ثم تصبح هذه المذكرة مذكرة المحادثة الهاتفية، وتُرسَل إلى مكتب مستشار
الأمن القومي، حيث يراجع الموظفون النسخة، ثم تصدر ويُحدَّد مسارها، ويشمل هذا
المسار "وزير الخارجية، ووزير الدفاع، وربما مدير الاستخبارات الوطنية، ومدير
وكالة المخابرات المركزية"، ثم تُرسَل المذكرة إلى السكرتير التنفيذي لمجلس
الأمن القومي، وتُشارَك نسخ من المحضر مع جميع الأطراف الضرورية داخل البيت الأبيض
وخارجه. وقتها كانت تُنشَر بيانات إعلامية على موقع البيت الأبيض عن هذه
المكالمات.
هل غيّر ترامب التقليد المتبع في ما يخصّ
المكالمات الرئاسية؟
في 2018، بدأ الرئيس دونالد ترامب بإلغاء تقليد
متبع للرؤساء الأميركيين بنشر بيانات موجزة لمحادثاتهم مع زعماء الدول الأجنبية
بعد المكالمات. وجهت وسائل الإعلام الأميركية انتقادات حادة للرئاسة آنذاك، معتبرة
أنه يتناقض مع حق حرية المعلومات، وأفادت بأن إدارة ترامب لن تنشر بعد الآن ملخصات
عامة للمكالمات الهاتفية التي يجريها ترامب.
هل تجاهل ترامب نشر مكالمات مع زعماء أجانب في
فترته الرئاسية الأولى؟
نعم أكثر من مرة، في 7 يوليو/ تموز 2017، التقى
ترامب الزعيم الروسي مرتين، أُبلِغَت
الصحافة في المرة الأولى، ولم يؤكد البيت الأبيض اللقاء الثاني الذي حصل على
العشاء دون وجود أي مسؤول من الخارجية الأميركية أو البيت الأبيض، إلا بعد 10 أيام
من مروره. أيضاً في معظم اللقاءات الخمسة التي التقى ترامب فيها بوتين، كانا
بمفرديهما دون وجود مساعد واحد على الأقل.
كذلك ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الرئيس كان يعطي
الزعماء الأجانب رقم هاتفه المحمول منذ بداية رئاسته، ما تسبب في ارتباك بين
المساعدين حول موعد المكالمات. ونشر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بياناً حول
مكالمة له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقتها نقلت صحيفة واشنطن بوست عن
مسؤول كبير قوله: "إنهم لم يكونوا على علم بذلك إلا بعد البيان من كندا،
وإنهم ليس لديهم فكرة عما حدث".
ما أوردت وسائل إعلام أجنبية أولاً تفاصيل مكالمات
للرئيس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس التركي رجب طيب
أردوغان، وأكد البيت الأبيض آنذاك المكالمات لاحقاً دون تقديم المزيد من التفاصيل.
هل نشر البيت الأبيض أي تأكيد لمكالمة الرئيس
ترامب مع الرئيس المصري؟
لم ينشر البيت الأبيض أي تفاصيل عن المكالمة حتى
هذه اللحظة
هل نشر البيت الأبيض بيانات عن مكالمات الرئيس مع
زعماء أجانب آخرين؟
نشر موقع البيت الأبيض أن الرئيس تحدث مع كل من
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس السلفادوري ناييب أرماندو بوكيلي، وملك
الأردن عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وملك البحرين حمد بن
عيسى، ورئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي.
أين صرّح الرئيس دونالد ترامب بأنه تحدث مع الرئيس
المصري؟
سأل الوفد الصحافي المرافق له على متن الطائرة
الرئاسية، عما إذا كان قد تحدث مع الرئيس المصري، فأجاب بنعم إنه اتصل به، وسرد
التفاصيل التي نشرت في وسائل الإعلام.
هل نشر الجانب المصري أي بيانات رسمية عن
المكالمة؟
الجانب المصري نشر على لسان مصدر رفيع المستوى، لم
يُذكَر اسمه، أنه لم تكن هناك أي مكالمة بين الرئيسين السيسي وترامب.