العدد 1359 / 24-4-2019
أصبح "الوافدون"، وهو التعبير القانوني الذي يطلق
على الناخبين المصريين الذين يدلون بأصواتهم في لجان غير مقارهم الانتخابية
الأصلية، هم السلاح الأبرز الذي تدير به أجهزة النظام المصري الاستفتاء على
التعديلات الدستورية في داخل مصر، والذي بدأ أول من أمس السبت على أن ينتهي اليوم
الاثنين ما لم يتم مد التصويت ليوم إضافي بسبب ضعف الإقبال.
وكشفت مصادر قضائية مطلعة على معلومات غرفة عمليات الهيئة
الوطنية للانتخابات أن نسبة تصويت الناخبين الأصليين في اللجان العادية بعيداً عن
الوافدين لا تزيد حتى الآن على 6 في المائة، واصفة إياها بـ"النسبة المخيبة
للغاية".
وإزاء ضعف المشاركة تبحث الهيئة الوطنية للانتخابات مع
الأجهزة الأمنية مد التصويت ليوم رابع هو الثلاثاء 23 نيسان. وذكرت المصادر
القضائية أنه من المحتمل إصدار قرار بمد التصويت، كما حدث في انتخابات الرئاسة
الأخيرة، بهدف زيادة نسبة المشاركة.
وأكدت المصادر أن العديد من لجان الاستفتاء شهدت محاولات
تكرار التصويت ، خصوصاً في محافظات القاهرة والشرقية والدقهلية والغربية
والمنوفية، مشيرة إلى تلقي الهيئة الوطنية للانتخابات شكاوى هاتفية من القضاة
المشرفين على اللجان الفرعية، تفيد بمحاولة بعض الناخبين التصويت مجدداً رغم وجود
بقايا آثار الحبر الفسفوري على أصابعهم.
وأفادت المصادر بأنه مع فتح باب التصويت، في اليوم الثاني من
الاستفتاء، فوجئ القضاة في العديد من المحافظات بمحاولات عديدة لتكرار التصويت، ما
دفع بعضهم إلى التصدي لتلك المحاولات، والبعض الآخر إلى غض الطرف عنها، الأمر الذي
يعتبر نتيجة طبيعية لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات، لا سيما وأن النظام يستطيع
من خلال تصويت الوافدين إحداث زيادة ضخمة في نسبة المشاركة، لا سيما وأن أي عملية
لمراجعة كشوف الوافدين ومطابقتها بالكشوف الأصلية لجداول الانتخاب ستستغرق شهوراً
طويلة نظراً لأن جداول الوافدين تكتب بخط اليد داخل اللجان، ولا تسجل على قاعدة
بيانات إلكترونية تمكن الهيئة الوطنية للانتخابات أو أي جهة أخرى من تصفية الأسماء
المكررة واستبعاد الأصوات، كما أن قرار دمج أصوات الوافدين مع أصوات الناخبين
الأصليين سيجعل من المستحيل عملياً إيجاد الأصوات المكررة واستبعادها إذا حدث
واكتشف أحد القضاة المشرفين هذا التكرار، وبالتالي سيكون القاضي أمام خيارين،
أولهما إلغاء الصندوق بالكامل لشكه في المحتويات، أو تسيير الأمر بمشاكله وشكوك
بطلانه.
وتسبب تنامي هذه الظاهرة وانتشارها في مناطق عديدة في نشوب
مشادات حادة بين بعض القضاة الذين أبدوا مقاومة ورفضاً للسماح للوافدين بالتصويت
في لجانهم إلّا بعد التأكد من عدم تصويتهم سلفاً بالتركيز على أصابع اليدين وفحصها
جيداً، وبين ممثلي الأمن الوطني الموجودين بكثافة في جميع اللجان للمراقبة، وكذلك
بعض الموظفين الإداريين الذين وزعتهم أجهزة النظام سراً من بين الهيئات الإشرافية
المساعدة للقضاة في اللجان الفرعية.
وفي محافظة القاهرة؛ قال قاضٍ بمحكمة ابتدائية يشرف على لجنة
فرعية بالمعادي إن عشرات القضاة تلقوا تهديدات بإبعادهم عن اللجان حال إصرارهم على
تطبيق القواعد السليمة في تصويت الوافدين، أو التضييق على الموظفين الذين يبلغون
الأجهزة بما يحدث في اللجان أولاً بأول، مشيراً إلى أن "معظم القضاة الذين
يبدون ممانعة للمخالفات ينتمون لمجلس الدولة والقضاء العادي" مرجعاً ذلك إلى
سببين؛ أولهما فداحة المخالفات والخروقات وتعددها بصورة غير مسبوقة، وثانيهما ما
تتضمنه التعديلات الدستورية من عصف بما تبقى من استقلال القضاء.
وروى معلم في بني سويف أن المدارس الحكومية والخاصة اشتركت
في تسيير حافلات بالمعلمين إلى اللجان الفرعية المختلفة مع ربط التصويت بالحضور
والانصراف. أما في القاهرة والجيزة فقد سيرت النقابات الفرعية للمعلمين مسيرات
لإعلان تأييد المعلمين للتعديلات الدستورية بمختلف الضواحي، وتم استئجار حافلات
أيضاً للجان.
وغابت في بعض المناطق الشعبية أمس الأحد ظاهرة "كوبونات
كراتين رمضان وحقائب المواد الغذائية" التي انتشرت في اليوم الأول، وأصبح
توزيع الكراتين يتم بصورة عشوائية بدون كوبونات، وبرر بعض المواطنين ذلك بأن صور
الكوبونات وأوراق تسليم الكراتين تُدوولت على نطاق واسع على مواقع التواصل
الاجتماعي.
وتزامناً مع هذه الرشى انتشرت ظاهرة توزيع كوبونات سحب على
أجهزة كهربائية ورحلات حج وعمرة مقدمة من عدد من رجال الأعمال الموالين للسلطة
والراغبين في دور سياسي أكبر، وذلك في محافظات الغربية والبحيرة ودمياط والدقهلية.
وانتشرت مقاطع فيديو من أمام اللجان توضح عملية السحب وتقديم الكوبونات.