العدد 1650 /5-2-2025

تجنّد شبكات إجرامية سويدية أطفال المهاجرين والفقراء ومن سبق إيداعهم في بيوت الرعاية، وهؤلاء يقطنون في مناطق مهمّشة، ويفتقرون إلى الشعور بالمواطنة، ما يسهل استقطابهم وتوريطهم تدريجياً في أعمال العصابات مقابل المال.

- يتحسر السويدي من أصل سوري، حكمت عزيز، على الحال التي آل إليها ابنه الذي تحول إلى عضو في شبكة جرمية محلية تتبع عصابة "فوكستروت" Foxtrot nätverket، والتي تسعى للسيطرة على سوق المخدرات والجريمة في المملكة، وبسبب تورط نجل عزيز في أنشطة الشبكة، قضت محكمة مقاطعة أتوندا في سولنتونا شمال استكهولم، العام الماضي، بحبسه 5 أعوام بتهمة المشاركة في التحضير لأعمال عنف ونقل مواد متفجرة، بحسب ملف القضية Mål: B1860-23 والتي اطلع عليها "العربي الجديد".

"آخر ما كان يمكن أن يخطر في البال، أن يكون نجلي جزءاً من شبكة جرمية ومنخرطاً بحروبها مع العصابات الأخرى، وعلى رأسها عصابة "دالين" Dalennätverket المتصارعة مع فوكستروت"، يقول عزيز وقد بدت على وجهه علامات الحسرة ولوم الذات، خاصة أنه لدى عودته وزوجته من رحلة إلى لبنان في خريف عام 2023 لاحظا تغيراً في سلوك ابنهم، والذي بدأ يتغيب عن المنزل بشكل متكرر، دون أن يردّ على الهاتف، وانحصر اهتمامه في مظهره الخارجي الذي أصبح غريباً، وكذلك اختار تسريحة شعر لافتة، وزاد استخدامه ألفاظ وتعابير بالسويدية تنتمي إلى لغة الشارع.

لكن ذلك لم يستوقفهم، وفجأة، وجدا نفسيهما تحت الصدمة لدى مداهمة دورية شرطة بلباس مدني للمنزل في 12 يناير/كانون الثاني 2023، وبدأوا بتفتيش دقيق، وصادروا كل ما يملكون من نقود، بالإضافة إلى مصاغ ذهبي لزوجته، وهذه المداهمة كانت جزءاً من عملية أكبر، تمكّنت الشرطة عن طريقها من منع وقوع أعمال عنف خطيرة خططت لها العصابة المحلية التابعة لفوكستروت، وشملت عمليات قتل، ومحاولات تفجير متسلسلة تستهدف منازل أقارب أعضاء عصابة محلية منافسة تتبع شبكة دالين الإجرامية، التي تتصارع مع فوكستروت، إلا أن الشرطة استبقت المخطط، وأوقفت 24 شخصاً، من بينهم 10 أطفال متورطون في الأنشطة الإجرامية.

تزايد تجنيد الأطفال في العصابات

تكشف مراجعة أجراها معد التحقيق للأحكام القضائية المنشورة على الموقع الرسمي لهيئة المحاكم في السويد تزايداً قياسياً في عدد الأطفال الذين جرت محاكمتهم عام 2023، إذ جرى توجيه التهم إلى 22 طفلاً منذ بداية العام الماضي، وحتى سبتمبر/أيلول 2023، وهؤلاء كانوا يبلغون 15 عاماً وقت ارتكاب الجريمة، بينما كان العدد يتراوح بين 5 و9 أطفال فقط سنوياً، خلال السنوات الخمس السابقة، كما جرى توجيه 84 تهمة لمراهقين، تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً في الفترة ذاتها من عام 2023، بينما وُجهت 53 تهمة لمراهقين في عام 2022، ولم يتجاوز عددهم ثمانية قُصّر سنويا قبل عشر سنوات.

22 طفلاً ارتكبوا جرائم في عمر الخامسة عشرة خلال العام الماضي

وخلال الفترة ذاتها من عام 2023، كان هناك 30 مشتبهاً به في عمر 14 عاماً أو أقل، أي دون السن القانونية، ولا يخضع للمحاكمة، وهذا العدد مرتفع مقارنة بـ 23 حالة في عام 2022 بأكمله.

وتجند الشبكات الإجرامية الطفل لأسباب كثيرة، أهمها أنه صغير السن، وبالتالي لا يمكن معاقبته، خاصة إن قل عمره عن 15 عاماً، بالإضافة إلى ذلك، "يسهل على المجرمين أن يستقطبوا الأطفال والمراهقين بالملابس الجميلة والمال والطعام، أو إعطائهم المزيد من الرعاية والانتباه الذي يفتقدونه، وهذه مغريات من الصعب عليهم مقاومتها، ويبدأ الأمر حين تُقدم لهم هذه الأشياء مقابل أداء مهمة قد تُعتبر في بعض الأحيان بريئة وغير ضارة، لكن طبيعة تلك المهام ستتطور بسرعة، على سبيل المثال يبدأ عملهم من المراقبة، وتحذير المجرمين من مداهمات الشرطة، ثم استلام وتسليم أموال للمجرمين، وإرسال الأموال غير القانونية، ليصل الأمر إلى نقل الأسلحة والمخدرات، أو إخفائها، أو حملها نيابة عن المجرمين، للوصول إلى بيع وترويج المخدرات والقتل"، بحسب الرد المكتوب الذي تلقاه "العربي الجديد" من جهاز الشرطة الوطنية.

ويجري تجنيد وتوظيف الطفل في العصابة بعد سحبه تدريجياً وعزله عن المجتمع وإغراقه بالعطايا والمكافآت، وفي بعض الحالات قد يكون هناك تهديد أو إكراه لتنفيذ أوامر العصابة، بحسب توضيح ماني غيريل، الأستاذ في جامعة مالمو جنوب السويد، والباحث في جغرافية الجريمة وعنف العصابات والمناطق الضعيفة.