العدد 1645 /1-1-2025

بعد الأسبوع الأوّل الذي كان "هادئاً ومتفائلاً نسبياً" لإسرائيل، إثر احتلالها أراضي سورية جديدة وتقدّم جنودها في المنطقة العازلة، وحوارات "إيجابية" كما تدعي، بين الضباط والجنود مع السوريين في بعض القرى، سُجّل في الأسبوع الأخير احتكاكان، تقدّر مصادر عسكرية إسرائيلية لموقع واينت العبري، اليوم الأحد، أنهما على ما يبدو لن يكونا الأخيرين، بين جنود الاحتلال، والمتظاهرين السوريين الذين احتجوا على احتلال إسرائيل لأرضهم في جنوب سورية.

وفي هذا الإطار، يدعي ضابط عسكري في القيادة الشمالية الإسرائيلية، للموقع، أنّ "الأمر مجرّد مسألة وقت حتّى تتلقى قواتنا صاروخاً، ما قد يتسبب بمقتل جنودٍ وعندئذ ينقلب كل شيء للأسوأ"، مشيراً إلى أنّ "من الصعب بمكان شرح أهمية ما نقوم به هنا للجنود". والسبب وراء ذلك كما يوضح أنه "لا يوجد هنا عدو ولا نقوم بهجمات أو عمليات ذات قيمة طوال اليوم".

كلام الضابط الإسرائيلي قد يدفع إلى الظن أنّ إسرائيل تخطط لافتعال احتكاكات مقابل السكان السوريين أو التسبب باندلاعها حتّى تبرر إطالة وجودها في المناطق التي احتلتها حديثاً في جنوب سورية. فكما يُقرّ الضابط ذاته لا يوجد ما يفعله الجنود هناك حالياً؛ حيث يقول إنّ "الجنود خرجوا من روتين القتال المكثف في جنوب لبنان ضد حزب الله، وقبل ذلك ضد حماس في غزة، والآن يجدون أنفسهم ينظرون إلى فلاحين سوريين يحرثون أراضيهم ولا يلحظون عدواً. حضورنا المزعج هنا، مع الدبابات التي تقطع القرى كل يوم، من شأنها أن تجذب إلى هنا خلايا أو مجموعات مسلحة في ردّ فعل مضاد".

ولم يلحظ جيش الاحتلال إلى الآن ما يصفها بـ"الخلايا المسلحة"، كما لم تقترب أي من هذه الأخيرة كما يدّعي، من منطقة الجولان التي احتلها، وحتّى إنه لم يلحظ أي تحركات من جانب الفصائل المعارضة في جنوب سورية وخصوصاً بالقرب من درعا. ويدعي الجيش أنّ السبب وراء ذلك عائد إلى انشغال القيادة الجديدة لسورية في توحيد صفوفها، وشدّ عصب عناصرها بعد مقتل عدد منهم في اشتباكات مسلحة مع فلول نظام بشار الأسد المخلوع في الساحل السوري، في إشارة إلى المواجهات في طرطوس. أمّا درعا، وهي المدينة الكبيرة القريبة من الأردن والبعيدة فقط عشرات الكيلومترات من الجولان السوري، فيدعي أنّ فيها "مسلحين إسلاميين يفصل بين وصولهم (إلى حيث قواته) نحو ساعة قيادة بالسيارة فحسب".

وبحسب "واينت"، فإنّ "الاستخبارات الاسرائيلية تلحظ مؤشرات أوليّة على نيات لدى هذه المجموعات للوصول إلى الهضبة السورية". ويستدل على ذلك بتظاهرات مواطنين سوريين ضد الجيش الإسرائيلي، احتجوا على احتلاله لأرضهم في جنوب سورية، وانتهى بعضها بإطلاق النار عليهم وإصابة عدد منهم بنيرانه. وعلى الرغم من حقيقة ما تقدّم، زعم الموقع أنّ "جنود الجيش لا يسارعون إلى الضغط على الزناد، نظراً لحساسية الوضع، وحقيقة أن المنطقة التي تجري فيها التظاهرات يقطنها نحو 70 ألف سوري".

ويشير في السياق إلى واقعة "لاحظ فيها الجيش عدداً من المسلحين الذين أقاموا حاجزاً على مدخل إحدى القرى في جنوب الهضبة السورية، وكان الجيش يجهز لقصفهم واستهدافهم، غير أنه قرر في نهاية المطاف العدول عن ذلك بعدما تأكد أن الحاجز المذكور أقيم بهدف منع خروج مسلحين من مواطني القرية ذاتها".

وفي الإطار، ينقل الموقع عن مصادر في جيش الاحتلال قولها إن جنود الأخير "منشغلون في جمع الأسلحة الكثيرة من داخل القرى المقدّرة بنحو 20 قرية، وفيها أسلحة قديمة وأخرى أُخذت من المقرات التي هرب منها جنود النظام السابق قبل نحو ثلاثة أسابيع"، مضيفة أنه "في غالبية الحالات كان ثمة تعاون". علاوة على ما تقدّم "يجمع الجيش أيضاً وسائل قتالية مختلفة تركت في المنطقة، بينها دبابات سوفييتية قديمة، وصواريخ جديدة مضادة للدروع، وذخائر عدّة ومنصات إطلاق قذائف وصواريخ".

إلى ذلك، يشير الموقع إلى أن نطاق عمليات جيش الاحتلال في جنوب سورية كبير، حيث خصص فرقتين نظاميتين، وذلك "بعد تخبط غير سهل تقرر على إثره عدم إشغال الاحتياطيين، بسبب العمليات المتواصلة في جنوب لبنان وغزة، وإبقاء المهمة الجديدة منحصرة في أيدي القوات النظامية". ووفقاً لما ينقله عن مصادر عسكرية، فإن إسرائيل تقوم "بدفاع وقائي، حتى تستقر سورية، وتتسلم قوة منظمة السيطرة مجدداً مقابل الحدود، كي لا تصل إلى هناك منظمات إرهابية"، وفق ادعائه.

وفي وقتٍ سابقٍ هذا الأسبوع، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن شروع جيش الاحتلال بعملية لوجستية "معقّدة"، شُيّدت خلالها مقار عسكرية وبنى تحتية على قمة جبل الشيخ في جنوب سورية، ومن ضمن ذلك الجزء المحتل منه حديثاً. ويهدف ما تقدّم إلى تحضير الأرضية للبقاء الطويل في القمة، أقله حتّى انتهاء فصل الشتاء، كما صرّح أكثر من مسؤولٍ إسرائيلي، في مقدّمتهم وزير الأمن يسرائيل كاتس.