مهند عبد الله

انتهى النصف الأول من الاستحقاق البلدي والاختياري بإجراء الانتخابات في محافظتي بيروت وجبل لبنان، بالإضافة إلى محافظتي البقاع والهرمل اللتين شهدتا انتخابات بلدية حامية.
وفيما تستعد محافظتا الجنوب والنبطية وبعدهما بأسبوع محافظة الشمال لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، لا بدّ من التوقف عند بعض الملاحظات التي شابت الانتخابات في بيروت والبقاع وجبل لبنان.
الملاحظة الأولى هي تنافس الأحـزاب والعائلات على المجالس البلدية والمقاعد الاختيارية.
وهذه النقطة بالذات يجدر التوقف عندها طويلاً لأن رؤساء الأحزاب كانوا يرددون ان الاستحقاق البلدي هو استحقاق عائلي وانمائي لا علاقة له بالسياسة والحسابات السياسية، ولا سيما في ما يتعلق بالانتخابات النيابية.
لكن واقع الحال كان غير ذلك. بعد انتخابات بلدية جونية التي لا تزيد أصواتها على خمسة آلاف صوت، والتي شاب عملية التصويت فيها الكثير من التجاوزات، وخصوصاً في ما يتعلق بشراء الأصوات «وعلى عينك يا تاجر» كما ظهر  في مختلف وسائل الإعلام، خرج المتحدث باسم تكتل «التغيير والإصلاح» الوزير السابق سليم جريصاتي ليقول ان فوز اللائحة المدعومة من التيار الوطني الحر هو «انتصار بكل المعايير والمفاهيم». وأضاف أن «هذا الانتصار أثبت أن ميشال عون هو الأقوى في مكونه، وأن التيار الوطني الحر في المقدمة». ودعا «الشركاء في الوطني الى أن يسمعوا كلمة الصوت الحق ويتفاعلوا معها».
أما الملاحظة الثانية فهي انتخابية وسياسية مرتبطة بتقدير الأحجام السياسية لبعض الأحزاب والأشخاص.
ففي بلدية الشويفات، على سبيل المثال، التي يبلغ عدد ناخبيها ما يقارب 13 ألف ناخب جرت انتخابات على وقع تنافس حزبي وطائفي بين اللائحة المدعومة من النائب طلال ارسلان، ولائحة المجتمع المدني المدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي، ورغم اختراق لائحة ارسلان بثلاثة مقاعد من لائحة المجتمع المدني، والدعم الطائفي للائحته من قبل المسيحيين، والذي أدى إلى استبعاد المرشح السني، خرج النائب طلال ارسلان ليقول ان المجتمع المدني «مجرد بالون منفوخ»، وانه يعجب كيف يحاول البعض اعتباره أو أخذه في الحسبان في الحسابات السياسية، مع العلم أن النائب طلال ارسلان ينجح أو بالأحرى يحصل على مقعده النيابي في دائرة عاليه بعدما يترك النائب جنبلاط له مقعداً فارغاً في اللائحة النيابية التي يرشحها الحزب التقدمي الاشتراكي. الملاحظة الثالثة والأخيرة وهي ان كل الأحزاب بعد المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات تعتقد انها فازت في الاستحقاق البلدي والاختياري، وأن الأمور بخير على الصعيد الشعبي، مع أن نتائج الانتخابات لا تؤكد ذلك حيث حصدت لائحة بيروت مدينتي في بيروت مع اللوائح الأخرى المنافسة لـ«لائحة البيارتة» ما يقارب الـ55٪ من أصوات الناخبين. أما في بعلبك التي تعد معقلاً لـ«حزب الله» فقد حازت اللائحة المنافسة للحزب أكثر من أربعين في المئة من أصوات الناخبين، وعند سؤال المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل لما لم يعقد مؤتمراً صحافياً لتقويم نتائج انتخابات الضاحية الجنوبية بوصفه مسؤولاً عن هذا الملف أجاب: «الرابحون والخاسرون كلهم أهل المقاومة».
هذه ملاحظات أولية على المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية، ولعلها لافتة لناحية ما أفرزته هذه الانتخابات حتى الآن. فهل تستفيد الأحزاب والقوى السياسية من هذه الملاحظات، أم تضع رأسها في الرمال كالنعامة، وتستمر في تجاهل ما يريده اللبنانيون؟