العدد 1668 /18-6-2025

الساحة اللبنانية والساحات الإقليمية والدولية إنشدت بطبيعة الحال الى العدوان الإسرائيلي على إيران ، بكافة تفاصيله المتعلقة بحجم الضربات الجوية الصهيونية وفعاليتها ، والمتعلقة أيضا بردة الفعل الإيرانية المتمثلة بقصف العمق الصهيوني بالصواريخ الباليستية ونتائجه . إلا أن كل ذلك لم يحجب الإهتمام الداخلي بالورشة التي تم إفتتاحها في المجلس النيابي من خلال مباشرة اللجان النيابية المختصة بمناقشة قانون الإنتخابات النيابية الذي يفترض أن يطبق في الإنتخابات النيابية القادمة لعام ٢٠٢٦ بعد احدي عشر شهرا .

وقد سعت القوى السياسية التي تحمل هموم إزالة السلاح المقاوم على أكتافها ، الى تصعيد حملات التحذير من خطر هذا السلاح والتخويف من مغبة إقدام حزب الله على التعاطف العملاني الميداني مع إيران في مواجهة الضربات الإسرائيلية المدعمة أميركيا وغربيا . ونشهد في هذا الخضم مواقف سياسية وإعلامية شتى تتفلت فيها الألسن وتفصح عما في القلوب من حالات التبني الوقحة للرواية والمنطق الصهيوني المحيط بالحرب الإسرائلية - الإيرانية والمرشحة الى أن تصبح حربا مباشرة أميريكية - إسرائيلية - إيرانية مثلثة الأضلاع . وتفضح هذه المواقف أصحابها في التنكر لكل ما هو تضامن وطني وعربي وإنساني يطال قاعدة الصراع في المنطقة المتمثلة بالقضية الفلسطينية . علما أن أصحاب هذه المواقف كانوا قد وعدونا سالفا بالإرتماء بالحضن العربي طالما أن هذا الحضن يحظى على رضى الولايات المتحدة الأميريكية وبريطانيا وفرنسا وباقي دول الغرب الإستعماري المتجدد .  

لقد تمكن المشاهد اللبناني من معاينة مواقف العديد من " شجعان " الشاشات المفعمين بالوطنية اللبنانية السيادية التي جادت على الشعب السوري بتعاطف ما في صراعاته وحروبه المريرة ... وقد تبين أن هذا التعاطف مرهون بالعلاقات الإيجابية القائمة بين الحكومة السورية الجديدة وعواصم الغرب الأميريكي والأوروبي والتي بلغت ذروة تمظهرها من خلال اللقاء الذي جمع في السعودية منذ حوالي الشهر الرئيس الأميريكي دونالد ترامب مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع . وعلى الرغم من أن هذه الفئات والشخصيات اليمينية السياسية والإعلامية كانت ترفض إهتمام البعض بالشؤون الإقليمية المتنوعة تحت عنوان الحرص على تقديم كل ما هو وطني لبناني على غيره من الإهتمامات ، فإن هذه الفئات والشخصيات اليوم تبالغ في العناية والمتابعة الدؤوبة للحرب " الإسرائيلية - الإيرانية " طالما ان الأمر يتعلق بقراءة مستقبل المنطقة تحت وطأة الغلبة الصهيونية - الأميريكية الزاحفة . وهذا ما يستدعي وفق الإعتبارات الوطنية السيادية لأولئك القوم السعي للإلتحاق بالركب ومسايرة هذه الغلبة ومواكبة كل مفاعيلها .

هؤلاء الجهلة لم يتعلموا من التاريخ أبدا ، ففي عام ١٩٤٨ كان الصهاينة يسعون الى توزيع الفلسطينيين المطرودين من بلدهم على البلاد العربية المجاورة وأهمها لبنان مع الرغبة بعدم تجميعهم في مخيمات محاذية لفلسطين . فما كان من أحد رجال الكنيسة إلا أن أنبرى لتشجيع استقبال أولئك المطرودين من بلدهم ، تحت إغراء أن ذلك الأمر سيؤمن يد عاملة رخيصة في السوق اللبنانية . واليوم فإن أصحاب البهجة بميزان القوى الجديد في المنطقة يجهلون أو يتجاهلون أن الغلبة الأميركية - الصهيونية في الحرب الحالية التي تشهدها المنطقة ستؤدي حتما وبالرضا الكامل " للسياديين الأبطال " بتوطين عدد من الفلسطنيين أكبر من العدد الموجود حاليا في لبنان او المسجل بدوائر الأونروا ( المهددة بالزوال ) . وساعتئد سيفرح اليمين اللبناني المتغطرس فرحا وطنيا سياديا مميزا . إنه الذكاء الوطني الخارق .

أيمن حجازي