العدد 1667 /11-6-2025

الغوص في الشأن المحلي اللبناني يكشف هذه الأيام وجها آخر للخلاف السياسي المتعلق بدور المقاومة اللبنانية وسلاحها والقرار الدولي ١٧٠١ وإنسحاب الجيش الصهيوني من الأرض اللبنانية وما يلي ذلك من إعادة إعمار مجمد بغية إبتزاز أهالي المناطق المدمرة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت . ولعل ذلك الغوص يقودنا الى إكتشاف بعض أوجه المحاصصة الكامنة التي أدينت من قبل بعض الأطراف السياسية اللبنانية حتى تم انخراط تلك الأطراف في المفاعيل العملية لتلك المحاصصة " المدانة " .

... إنها ورشة التعيينات الإدارية التي بدأت قبل بضعة أسابيع ولم تكتمل فصولا ، ووصلت الآن الى مربع نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة : الشيعي ، السني ، الدرزي و الأرمني . فضلا عن تعيينات قضائية يتقدمها تعيين المدعي العام المالي خلفا للمدعي العام المالي الحالي علي ابراهيم الذي انتهت ولايته . في هذا البند الأخير تقوم قيامة وزير العدل الكتائبي عادل نصار ، على إصرار الرئيس نبيه بري في اختيار القاضي زاهر حمادة لتولي هذا المنصب . وأفادت بعض المعلومات الى أن الوزير نصار يلوح بتقديم استقالته من الحكومة في حال أصر الرئيس بري على تعيين القاضي حمادة في هذا المنصب . في الوقت التي أعتادت الساحة السياسية اللبنانية على أحقية رئيس المجلس النيابي وما يمثل  في تسمية المدعي العام المالي . وفي الإنتقال الى مربع تعيين نواب  حاكم مصرف لبنان الأربعة فقد سارت الأمور باتجاه التمديد للنواب الحاليين وفي طليعتهم النائب الشيعي وسيم منصوري الذي تولى منصب الحاكم بالوكالة خلفا لرياض سلامة فترة من الزمن . ويعتبر الرئيس بري أن منصوري أثبت جدارة مميزة في إدارة شؤون المصرف المركزي في تلك الفترة الحرجة ، وأن المصلحة تقتضي بإستمراره في موقعه . ولكن الرغبة الجنبلاطية بإستبدال نائب الحاكم الدرزي بشير يقظان بإسم آخر ، عكر صفو خيار التمديد للحكام الأربعة وعاكس رغبة الرئيس بري في التمديد للنائب الأول للحاكم وسيم منصوري .

وقد برزت في هذه الأثناء ، منافسة غير معلنة بين بعبدا ومعراب لدى الخوض في موضوع التعيينات الإدارية المسيحية عموما والمارونية خصوصا . وهي من دون شك من تركة التيار الوطني الحر المتوغلة في الإدارة اللبنانية خلال العقد المنصرم . وتجدر الإشارة هنا الى أن الرئاسة الأولى غير راغبة في الدخول في دهاليز المحاصصة الطاىفية والمذهبية . وأنها ليست في وارد التنازع مع أي من القوى السياسية حول حصة إدارية ما ، ولكن هذه الرئاسة تمتلك رؤية ومقاييس تلجأ الى إعتمادها في إطار التعيينات الإدارية ويتم إظهارها في بعض وسائل الإعلام على أنها طموح وسعي لدى الرئيس جوزيف عون لبناء قاعدة موالية ومحسوبة عليه في الإدارة اللبنانية .

في هذه الأثناء طفى على السطح موضوع قوات اليونيفيل التي يستخدم من قبل جهات أجنبية ومحلية متعاملة معها في الضغط على الموقف الرسمي اللبناني وجعله أكثر عدائية حيال المقاومة . والولايات المتحدة الأميركية تريد ان تحجب التغطية المالية عن اليونيفيل او عن قسم كبير من هذه التغطية . وبالتالي فإن لبنان يجب أن يلهث لتحقيق المطالب الأميريكية والصهيونية المرسومة لمحاصرة المقاومة اللبنانية والتضييق عليها تحت عنوان نزع سلاحها مع كل ما لهذه  الشعار من وقاحة مبالغ فيها ضد أقدس ما في السياسة اللبنانية . وتستمر القوى المحلية المتناغمة مع هذا التوجه في تسليط الضوء على بعض الصدامات الشعبية نتيجة الإعتراض على تحرك اليونيفيل بعيدا عن التنسيق مع الجيش اللبناني . فقد عمدت قوى اليمين المتناغمة مع واشنطن وتل أبيب أن هذه التحركات الشعبية لأهالي البلدات الجنوبية تشكل دعما واضحا لموقف الجيش اللبناني الذي انتزع منه الأميريكيون في مجلس الأمن الدولي الحق في مواكبة تحركات اليونيفيل وهذا ما كان قائما في أساس القرارالدولي ١٧٠١ . إن من يعترض على تحركات الأهالي الجنوبيين المضادة لتفرد اليونيفيل في تحركاتها على الأرض بعيدا عن الجيش اللبناني ، إنما يمارس فعلا خيانيا معاديا للوطن وللجيش اللبناني .

أيمن حجازي