العدد 1626 /21-8-2024
ايمن حجازي

تتلاشى السياسة المحلية اللبنانية تحت وطأة التطورات الإقليمية والدولية المحتدمة ، وهي تطورات على صلة مباشرة وغير مباشرة بالساحة اللبنانية الغارقة بالإضطرابات المتنوعة سياسيا وطائفيا . فالمذبحة الصهيونية في قطاع غزة مستمرة وهي تحظى على غطاء أميريكي وغربي متين ، يحتوي على الجهود الأميريكية المبذولة لإبرام صفقة تسميها الأطراف العربية " وقف إطلاق النار في غزة " . ويطلق عليها الصهاينة والأميريكيين صفقة الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تم اعتقالهم في السابع من أكتوبر الماضي في مستعمرات غلاف غزة حيث نفذت عملية طوفان الأقصى .

وتشكل جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة صلة الوصل العضوية بين لبنان وغزة والكيان الغاصب . حيث تزامن فتح هذه الجبهة مع انطلاق عملية طوفان الأقصى المشار اليها . وقد شهدت الشهور العشرة الماضية جهودا أميريكية وأوروبية متعددة لإقفال جبهة المساندة اللبنانية وإراحة " إسرائيل " وحلفائها وأسيادها الدوليين من الضغوط العسكرية والأمنية والسياسية والإقتصادية التي يولدها فتح هذه الجبهة . ولكن إصرار المقاومة اللبنانية على التضامن الميداني مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حال دون إقفال هذا الجرح الصهيوني المفتوح . على الرغم من كل عمليات التهديد والوعيد التي أطلقها القادة الصهاينة وروج لها الأميريكيون والأوروبيون والتي تضمنت فرضية إعادة لبنان الى العصر الحجري . في إشارة من قبل أولئك القادة الى نواياهم القاضية بتنفيذ عمليات تدمير مميزة للبنية اللبنانية الإقتصادية والحياتية الشاملة . وكان الرد الدائم من المقاومة اللبنانية أن أي تهديد صهيوني من هذا القبيل سيواجه بفعل ميداني حاسم ضد البنية الصهيونية الإقتصادية والعسكرية والأمنية والحياتية الشاملة أيضا . وبما أن تهديد المقاومة المضاد يكتسب جدية بالغة فإن العدو الصهيوني ومن خلفهم الأميركيون أحجموا عن تنفيذ تهديداتهم حتى هذه الساعة .

وما زال الوسطاء الأجانب يمارسون في مواجهة لبنان نفس اللعبة التخويفية البهلوانية التي تستقطب وتستهوي بعض القوى اللبنانية المعادية للمقاومة . وتستمر الساحة اللبنانية في مشاهدة عروض إجترار المواقف السالفة التي ازدحم بها التاريخ اللبناني الحديث وأستفاد منها الصهاينة أيما إستفادة .

تكاد بعض القوى اللبنانية التي تدمن التحرش بالمقاومة ، ان تصاب بالإحباط في مساعيها الهادفة الى إشغال هذه المقاونة وثنيها عن أداء دورها التضامني مع أهل غزة . حيث لم يبقى لديها إلا اللجوء الى التحريض الطائفي الغرائزي الذي وصل الى حدود التلويح بالتنكيل بالنازحين المفترضين الذين يمكن ان يلجأوا الى بعض المناطق السكانية التي تتمتع بها تلك القوى بشعبية ما وذلك في حال إتساع رقعة المواجهة مع العدو الصهيوني على نسق حرب صيف ٢٠٠٦ . وقد وصل الأمر ببعض النواب الوقحين أن دعا ومن على شاشة التلفزيون رؤساء البلديات في منطقته الى التدقيق بإنتماءات أولئك النازحين المفترضين من الجنوب والضاحية ... في موقف ملؤه الخبث والعنصرية والخيانة . وقد مارستوسائل الإعلام اللبنانية المعادية للمقاومة ابشع أنواع الترهيب للجمهور اللبناني من خلال الترويج للتهديدات الصهيونية المقابلة لإحتمالات الرد المقاوم على جريمتي إغتيال القائد اسماعيل هنية في طهران والقائد فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت . وتجدر الإشارة هنا الى أن أكثرية الساهرين في ليل بعض المناطق اللبنانية اللاهية بالحفلات الراقصةيغفلون عن لائحة الشهداء المخضبة بالدماء والتي تزود عن حياض الوطن وتدفع ضريبة باهظة دفاعا عن كل ما له علاقة بالكرامة الوطنية المستباحة من قبل السفارات الأجنبية وأعوان تلك السفارات .

أيمن حجازي