العدد 1394 / 8-1-2020

ما زال التعثر هو سيد الموقف على جبهة التشكيل الحكومي الذي يرابط على محاورها الرئيس المكلف حسان دياب ، في مهمة غير مستيحلة استنادا الى الإستجابة البراغماتية لورشة تشكيل حكومة من تحالف قوى الثامن من أذار . ما يجعل العقد التي تنتصب في وجه دياب في معظمها ، عقدا داخل الصف الواحد حيث ينبغي أن يتم تذليلها من خلال روحية هذا التحالف الواضح والمحدد المعالم والأبعاد . وهذا لا ينفي أن هناك معضلات قائمة لا يمكن تجاوزها من مثل هشاشة القوة الميثاقية لهذه الحكومة بفعل خروج تيار المستقبل من حلبة التشكيل الحكومي المفترض.

ولكن الميثاقية المشار اليها ليست منعدمة أو غائبة ، بل إنها ضعيفة ومضمحلة حيث يلاحظ أن السبعة والعشرين مقعدا للمسلمين السنة في البرلمان اللبناني ينال منهم تيار المستقبل سبعة عشر مقعدا فقط خلافا لما كان عليه الحال في برلمان ٢٠٠٩ الذي كان يضم وجودا كاسحا لتيار المستقبل في الحصة النيابية السنية . أما العشرة المقاعد الباقية ينطوون على مقعدين مواليان للرئيس سعد الحريري ويعودان الى الرئيس نجيب ميقاتي والنائب بلال عبدالله المنتمي الى الحزب التقدمي الإشتراكي ، وستة مقاعد للقاء التشاوري الذي يضم بدوره مقعدا للنائب قاسم هاشم الموالي للرئيس نبيه بري ومقعدا للنائب الوليد سكرية الموالي لحزب الله . أما المقاعد السنية الأربعة الأخرى فإنها تعود الى النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي . ويبقى مقعدين سنيين إثنين من المقاعد السنية العشرة الخارجة عن سيطرة تيار المستقبل وهما يعودان للنائب أسامة سعد وللنائب فؤاد مخزومي اللذين يرفضان الإنضمام الى اللقاء النيابي التشاوري كل ٌ لأسبابٍ سياسية خاصة به .

وقد نشأت عقدة أطلق عليها العقدة الدرزية التي تم تأكيد قيامها من خلال تلاقٍ غير منسق ولا مقصود بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط والأمير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب . وقد نتجت هذه العقدة عن تقليص حجم الحصة الدرزية في الحكومة المزمع تشكيلها الى وزير واحد بعد أن حصة وازنة مؤلفة من ثلاثة وزراء في الحكومة الرئيس الحريري المستقيلة . ما أدى الى إمتعاض القادة الدروز الثلاثة خاصة في ظل وجود حصة أرثوذكسية في حكومة حسان دياب المفترضة تصل الى ثلاثة مقاعد وزارية . علما أن النسبة المئوية للناخبين الأرثوذكس لا تتجاوز النسبة المئوية للناخبين الدروز بأكثر من ١،٥ في المئة ما لا يبرر هذا الفارق في عدد الوزراء . وقد برز على هذا الصعيد إقتراح حل دعمه وسانده رئيس المجلس النيابي نبيه بري ويقضي بمنح الوزير الدرزي حقيبتين وزاريتين تعزز من وضعه داخل الحكومة القادمة . وكان الزعيم الإشتراكي وليد جنبلاط قد وجه إنتقادا لاذعا الى " إحتقار الدروز " من خلال تلك الحصة الهزيلة المنحصرة بوزير واحد من أصل ثمانية عشر وزيرا ، على الرغم من أن جنبلاط يصر على عزوف حزبه وكتلته النيابية عن المشاركة في حكومة حسان دياب .

وتبقى العقد المتأتية عن رغبة الرئيس المكلف بإختيار وزراء أخصائيين غير منتمين الى أحزاب وقوى سياسية ، وهي عقد قائمة على محاور دياب - جبران باسيل ، دياب - الثنائي الشيعي ، دياب - تيار المردة . وقد قالت المعلومات المسربة من مضارب أهل التشكيل الحكومي أنها عقد قد تم تذليلها أو أنها في طريقها الى التذليل ، ولم يبقى منها إلا النذر القليل . وهذا الواقع يعاكس رغبة البعض الذي يروج الى أن الرئيس حسان دياب في طريقه الى الإعتذار من مهمة التكليف وذلك تحت وطأة ضعف الميثاقية التي تفاقمها تحركات أنصار تيار المستقبل في الشارع والتي تتم تحت عنوان الحراك الشعبي والثورة . وتفيد هذه المعلومات أيضا أن التشكيل حقيقة قادمة لا محالة وأن المعارضين بإمكانهم والأفضل لهم أن ينكبوا للتحضير لنصب الكمائن اللاحقة التي ينبغي أن تواجه بها الحكومة العتيدة تحت عنوان الثورة أو غيرها من العناوين الرديفة.

ويبقى الفرق الأبرز بين حكومة حسان دياب المفترضة وحكومة نجيب الميقاتي ( طالما أن كلاهما حكومتان تابعتان لحزب الله وفق فريق الرابع عشر من أذار ) كامن في غياب الزعيم وليد جنبلاط عن المشهد الحكومي الذي يغيب عنه طوعا كما كان غيابه طوعيا عن حكومة الرئيس عمر كرامي في خريف عام ٢٠٠٤ . إنه فارق سياسي محلي ذو دلالات قد تكون فائقة ومقلقة في آن واحد.

ايمن حجازي