العدد 1566 /7-6-2023
أيمن حجازي

لم تكتمل عملية الفرز السياسي حول الإستحقاق الرئاسي ، حيث ما يزال عدد كبير من النواب ( الفراطة ) دون تحديد موقف وخيار بين الوزير السابق جهاد أزعور والنائب السابق سليمان فرنجية . هذا في الوقت الذي يستغرب فيه المواطن اللبناني العادي موقف أزعور الذي يضحي بوظيفة مالية دولية تمنحه مليون دولار في السنة مقابل ترؤس " جمهورية جهنم الممتازة " ، مع كل ما يرافق ذلك من أعباء وأثقالمعنوية وسياسية شتى وهذا ما يعتبر ضربا من ضروب الهذيان السلطوي غير العاقل . فبعد أن حسم التيار الوطني الحر أمره وقرر دعم المرشح جهاد أزعور نكاية بسليمان فرنجية الذي يريد جبران باسيل منعه من الوصول الى قصر بعبدا . وتلك معضلة كبرى أخرجت باسيل عن طوره وجنحت به نحو خيارات سياسية لم يكن يرغب بها .

إئتلف حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب مع التيار الوطني الحر إئتلافا أطلق عليه تقاطعا حتى لا يضطر أطرافه الى المساس بخياراتهم السياسية المتباعدة . ودخلوا في حلف الضرورة الآني الذي قد لا يستغرق طويلا وهو قد يشبه الحلف الثلاثي الذي قام في إنتخابات عام ١٩٦٨ النيابية بين كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إدة للتخلص من الشهابية ... والمفارقة أن ذلك الحلف قد ساهم إسهاما كبيرا في إيصال سليمان فرنجية الجد الى قصر بعبدا في خريف عام ١٩٧٠ . هنا الآية معكوسة والحلف الثلاثي الذي بات يجمع حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وحزب الكتائب يهدف الى قطع طريق بعبدا على سليمان فرنجية الحفيد . في ظل ظروف وتحالفات سياسية محلية وإقليمية مختلفة جذريا . وقد برز من خارج السياق زيارة الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون الى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد حيث لم يقتنع أحدا أن الزيارة ليس لها علاقة بالإستقاق الرئاسي .

ترجمة هذه الزيارة لدى البعض أنها تبحث عن خيار رئاسي آخر من خارج ماهو مطروح من أسماء ورموز . وترجمتها لدى البعض الآخر بأنها محاولة لعزل العلاقة بين عون وتياره الوطني الحر ودمشق عن قرار تأييد ودعم جهاد أزعور . أو أن هذه الزيارة حصلت لأن الأبواب باتت موصدة مع حزب الله حيث قد يكون من المفيد تدخل الرئيس السوري مع حليفه اللبناني حزب الله . وكانت هذه الترجمات جميعها غير مقنعة ، إلا أن تكون زيارةعبثية وغير منضبطة ... وهي خارج العلاقة السوية بين الرئيس عون وصهره الباسيلي المميز . وإذا صح هذا التفسير الساذج فإن النتائج ستكون كارثية على مستوى العلاقة البيتية القائمة (عون - باسيل ). علما أن جبران باسيل عمد الى الإستعانة بعمه خلال الأسبوع الأخير من أجل قمع حالات التمرد داخل التيار الوطني الحر والتي تمظهرت بالإعتراض على دعم وتأييد جهاد أزعور في الإنتخابات الرئاسية تحت عنوان ان أزعور لا يشبهنا وأنه مقرب تاريخيا من الرئيس فؤاد السنيورة .

كل هذه المعطيات لا ينبغي أن تخفي تدحرج العلاقات السياسية بين حزب الله والتيار الوطني الحر ودخولها في مرحلة أكثر سلبية . وقد لوحظ أن خطاب جبران باسيل في جبيل والذي أعلن فيه تأييد جهاد أزعور كمرشح رئاسي قد تضمن كلاما إيجابيا حيال المقاومة ما أعتبر محاولة باسيلية لعدم كسر الجرة مع حزب الله . في الوقت الذي أعتبر فيه مراقبون كثر أن باسيل راح بإتجاه تأييد أزعور متكلا ومتكئا على حتمية أن حزب الله لن يمكن الجولة الثانية من إنتخابان الرابع عشر من حزيران الجاري أن تستمر بفعل إفقاد تلك الجلسة لنصابها المطلوب والمحدد وفق الدستور بأكثرية الثلثين . مع إعتراض بعض النواب على هذا الأمر والقول بأن الجلسة الإنتخابية الرئاسية تستمر بأكثرية النصف زائد واحد ، وهذا ما سعى اليه بعض نواب الكتلئب والنواب التغيريين قبل بضعة أشهر .

جلسة الأربعاء المقبل لا بد أنها ساقطة في جولتها الثانية حيث النصاب سيرحل وحيث الرئاسة ستبقى معلقة على خشبة التوافق المفقود الذي مازال يحتاج الى تدخلات خارجية حاسمة وحازمة لن تجدي معها زيارة الرئيس عون الى دمشق .

أيمن حجازي