العدد 1610 /24-4-2024
أيمن حجازي

ما زال الاحتدام على الجبهة الجنوبية اللبنانية هو الوجه الأبرز للتطورات المهمة التي يمكن الحديث عنها، في مقابل الثرثرات السياسية المتعلقة بمعالجة الشغور الرئاسي والتي لا تغنين ولا تسمن من جوع. وهو احتدام ينبغي التوقف عنده ليس لأنه احتدام منفتح على توسع قد يقود تلك الجبهة إلى حرب شاملة مشابهة للحرب التي وقعت في صيف ٢٠٠٦ وحسب. بل لأنه بات احتدام يكتسب أهميته المضاعفة من جراء استمرار تهجير عشرات الآلاف من مستوطني الشمال الفلسطيني المحتل ولأسباب عسكرية وأمنية أخرى.

فاستمرار التهجير الذي أصاب سكان المستعمرات والمستوطنات الصهيونية المزروعة في شمال فلسطين يخلق وضعا مأموما على الصعيد الاجتماعي في الكيان الغاصب وهذا ما لا يألفه ويستسيغه المنطق الأيديولوجي الصهيوني الذي عمل على تجميع اليهود من كل أنحاء العالم كي ينعموا ويعيشوا حياة سعيدة ومترفة في أرض "الميعاد". وقد خابت كل أعمال التهديد والوعيد التي أطلقها القادة الصهاينة في مواجهة لبنان الذي لم ترتدع مقاومته عن مساندة غزة الذبيحة على يد المتوحشين الصهاينة الذين ارتكبوا أبشع مجازر القرنين الأخيرين في تاريخ العالم. أما على الصعيد العسكري فإن وصول مسيرات المقاومة اللبنانية إلى عكا يعتبر إنجازا هاما يؤكد فشل القبة الحديدية وكل الإجراءات الصهيونية المتخذة للحؤول دون اختراق المقاومة للأجواء الفلسطينية المحتلة.

وفي السياق الأمني يسجل للمقاومة الإسلامية اللبنانية امتلاكها لبنك أهداف داخل الكيان الغاصب مصحوبا بتحديدات وتعريفات شيقة للمواقع العسكرية والأمنية والإستراتيجية التي تشير إشارة واضحة بأن البنية الأمنية الصهيونية مخترقة بشكل يتيح للمقاومين أن يحددوا طبيعة المهمات الموكلة لكل هدف وموقع يتم ضربه. وما يضاعف من أهمية الجبهة اللبنانية المحتدمة، أنها تؤدي مهمتين للجبهة اللبنانية وللجبهة السورية التي تستهدفها المقاومة اللبنانية من خلال القصف شبه الدائم لمواقع عسكرية صهيونية في الجولان المحتل.

بطبيعة الحال فإن هذا الدور الهام التي تقوم به الجبهة اللبنانية، باهظ التكاليف

حيث تجاوز عدد الشهداء المقاومين ال ٢٥٠ شهيدا وهم من خيرة الكوادر والطاقات الجهادية. وغني عن القول إن المنطقة الحدودية التي تشكل ميدانا رحبا لانطلاق عمليات المقاومة، باتت منطقة تعيش حياة حربية شاملة يدفع فيها المدنيون ضريبة الدم المتضامن مع دماء غزة مع ما يرافق ذلك من دمار وخراب يلحق بالدور والمؤسسات والأراضي الزراعية. إنه الواجب الحق، وطوبى لكل من ساهم في تأدية هذا الواجب.

أيمن حجازي