العدد 1339 / 28-11-2018
أيمن حجازي

أطل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على معضلة التشكيل الحكومي منذ بضعة أيام من القصر الجمهوري في بعبدا ، من خلال طرح مقولة " أم الصبيّ " للتصدي لعقدة تمثيل النواب السنة المنتمين الى معسكر الثامن من آذار وقد أوحى الرئيس عون من خلال طرح هذه المقولة أن حل هذه العقدة سيكون كما كان متوقعا من خلال منح المقعد الوزاري السني المعتمد في حصة رئيس الجمهورية الى اللقاء النيابي التشاوري الذي يضم النواب السنة المنتمين الى ذلك المعسكر .

ولكن العقدة استمرت قائمة ، والتشكيل الحكومي بقي غائباﹰ ومغيبا ولم يسمع اللبنانيون دوي صوت أم الصبي بان " خذيه لك " كي تنقذ وليدها من الاقتسام الذي كان مطروحا لحل مشكلة ادعاء امرأتين أن الصبي محل النزاع هو وليدهما في آن واحد . بل وجدنا رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يستمر في جولاته المكوكية على الأطراف المعنية وغير المعنية بالعقدة السنية القائمة ، دون أن يلمس أحد أن الرجل يقرّب وجهات النظر المتباعدة بين أطراف الخلاف القائم . حتى أن النواب الستة قد أوحى بعضهم لوسائل اعلامية بأنهم لمسوا تعاطفاﹰ من باسيل مع مطلبهم التوزيري المعروف . و تحولت القضية الى مشروع لقاء بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ونواب اللقاء التشاوري الستة ، وبات مجرد انعقاد هذا اللقاء هو بيت القصيد ..

وقد تبيّن أن الوزير جبران باسيل قد طرح على الرئيس نبيه بري ثلاثة طروحات تتضمن تحصيل أثمان مقابلة لتخلي الرئيس ميشال عون عن المقعد الوزاري السني الكائن في حصته الوزارية الى اللقاء التشاوري ، وأن الرئيس نبيه بري مرشح للمشاركة بدفع هذا الثمن من خلال درس امكان منح واضافة مقعد وزاري شيعي الى الحصة الرئاسية في الحكومة القادمة . وبات واضحا أن طروحات الوزير باسيل المكلف من قبل الرئيس عون بحل العقدة السنية ، متشعبة وقابلة للأخذ والرد والتفاوض الى ما شاء الله من الوقت السياسي الضيق . وهي طروحات شبيهة بالطروحات التي توضع لتشكيل حكومات ، ولكن على قياس مقعد وزاري وحيد . وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد كرر ما قاله الرئيس عون من أن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل ترف الانتظار بعد ستة أشهر من انتهاء الانتخابات النيابية ، وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة .

ان البطء الذي تعاني منه مبادرة رئيس التيار الوطني الحر لا يوحي بالحماسة لتشكيل الحكومة بالسرعة المتوجبة ، حيث ينبغي توضيح صورة ومقولة أم الصبي التي لا يبدو أنها تمتلك الا النية الصافية عند الرئيس ميشال عون الذي أطلقها ثم تلقفتها الأيدي القريبة والبعيدة ، كي تجعل منها مقولة لزجة لا تشبه أبدا مقولة أم الصبي في نسختها الأصليّة . وبطبيعة الحال فان رئيس الجمهورية قادر بما أوتي من نفوذ وبأس سياسي أن يمنح هذه المقولة قوة وصلابة وكي تفتح الباب أمام ولادة الحكومة " الميمونة " التي تنتظرها الجماهير " الغفورة " على أحر من الجمر ، والا فان الانتظار المديد هو سيد الموقف .

لا يعني هذا الكلام تحميل التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل أوزار التأخر في تشكيل الحكومة الى هذا الوقت ، فالكل السياسي له أياد طويلة في هذا التأخر الممّيز . ولكن الحديث يدور في هذه الآونة عن الطرف الذي تجند لحل العقدة المسماة " سنيّة " وتم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بايجاد مخرج معقول للتضحية المرشحة لها الحصة الوزارية الرئاسية المشار اليها .

ايمن حجازي