د. محمد شندب

من اللحظة الأولى لانطلاق الحركة الاسلامية في أرض الكنانة سنة 1928م، اعلنت اهدافها: الحق القوة والحرية، ورفعت شعار: الله ربنا –الإسلام ديننا– القرآن دستورنا- محمد زعيمنا- الجهاد سبيلنا– الموت في سبيل الله أسمى أمانينا. لقد حرص الشهيد حسن البنا على تربية جيل قرآني جديد لا يخشى في الله لومة لائم، و ما هي الا فترة وجيزة من الزمن حتى عمت أنوار هذه الدعوة مساحة واسعة من أقطار العرب والمسلمين، وانضم إليها نخبة من الأخيار والأبرار.
لقد جاءت دعوة الإخوان المسلمين رداً على المكائد الغربية والصهيونية التي اسقطت الخلافة العثمانية ومزقت وحدة الأمة، ثم استعمرت بلادنا ونهبت ثرواتنا.
أدرك الإخوان خطر المسلمون الاحتلال البريطاني لمصر وفلسطين والعراق، وكانوا يحذّرون الناس من التحالف الشيطاني بين بريطانيا والقوى الصهيونية، لأن هذا التحالف كان منذ مؤتمر بال يخطط من أجل إقامة دولة صهيون على أرض فلسطين. ولذلك عندما احتلت بريطانيا فلسطين قدمت التسهيلات لموجات الهجرة اليهودية وساعدتهم في اغتصاب الأرض وبناء المستوطنات وتأليف العصابات العسكرية ومكنتهم من جميع مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية.
حتى إذا اقتربت لحظة تسليم فلسطين لليهود، كانت العصابات الصهيونية جاهزة لطرد الفلسطينيين من أرضهم. ولما أعلن اليهود قيام دولة اسرائيل في 5 1 أيار 1948م هبت الشعوب العربية، حينها تحركت الجيوش العربية لتمتص النقمة وتسلم فلسطين للأعداء.
في هذه الظروف القاسية أخبر حسن البنا جامعة الدول العربية أنه على استعداد لإرسال عشرة آلاف مجاهد كدفعة أولى للقتال ضد الغاصبين. ولما رفضت حكومة النقراشي ذلك دعا الإخوان إلى مظاهرة كبرى خطب فيها رياض الصلح والأمير فيصل بن عبد العزيز وجميل مردم بك وإسماعيل الأزهري، وحسن البنا، الذي أعلن عن استعداد شباب الإخوان للموت دفاعاً عن فلسطين الحبيبة. وبالرغم من مضايقات الحكومة المصرية فقد تمكن الاخوان من اجتياز الحواجز والدخول إلى ساحات القتال، وخاضوا معارك مشرفة في غزة ورفح وبئر السبع، كان أعظمها معركة التبّة 68 التي حفظت قطاع غزة عربياً، معركة كفر ديروم واحتلال يد مردخاي.
وعندما حاصرت إسرائيل الجيش المصري في الفالوجة وكان جمال عبد الناصر من أفراده، تمكن الإخوان من كسر الحصار بقيادة الضابط معروف الحضري. وفي يافا كان الاخوان يسيطرون على معظم المرافق، ورغم فشل الجيوش العربية فقد حشد الإخوان قواتهم من مصر والأردن وسوريا والعراق وشاركوا ببسالة في معارك القدس والخليل وبيت لحم وصور باهر ومارالياس ودافعوا عن تبّة اليمن وسقط منهم مئات الشهداء والجرحى والأسرى.
لقد برز من الإخوان قيادات أذهلت الانكليز والصهاينة، يأتي في طليعتهم الشيخ محمد فرغلي وأبو الفتوح شوشة وكامل الشريف وممدوح الصرايرة وأحمد عبد العزيز ومصطفى السباعي ومحمد زهير الشاويش وغيرهم.
لقد بث الاخوان روح الجهاد في الأمة من أجل تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، لذلك تحركت القوى الدولية بالتعاون مع عملائها وتم حل جماعة الاخوان في نهاية عام 1948م، ثم اغتالوا الشهيد حسن البنا في 11 شباط 1949م.
لقد سجل الاخوان صفحات من القوة و المجد على أرض فلسطين زمن النكبة.. فهل تقرأ أجيالنا هذه الانجازات المباركة لتسلك درب النصر والتمكين؟