د. محمد شبيب

تقطيع الأرحام آفة خطيرة تضرب في مجتمعنا الحاضر وتزيد من ضعفه وتفككه وتنشر البؤس والشقاء في أرجائه.
لذلك جاء التحذير الرباني شديداً من سوء مصير الذين يساهمون في تقطيع أرحام المسلمين، قال تعالى: >.. وما يُضل به إلا الفاسقين.الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و  يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويُفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون< البقرة 26-27.
هؤلاء المقطعون للارحام يبوؤون باللعنة في الدنيا والاخرة، قال تعالى: >فهل عسيتم إن توليتم أن تُفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم< سورة محمد آية:22-23.
إن تقطيع الأرحام يؤدي الى كوارث هائلة في الدنيا والآخرة، عن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدّخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) الترمذي.
وقاطع الرحم يأتيه الوبال قبل موته، قال صلى الله عليه وسلم: (من قطع رحماً أو حلف على يمين فاجرة رأى وباله قبل أن يموت) البيهقي.
وأبغض الأعمال الى الله قطيعة الرحم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبغض الأعمال الى الله الإشراك بالله، قيل يا رسول الله ثم ماذا؟ قال قطيعة الرحم) أبو يعلى.
 والله يقطع  قاطع رحمه، قال الله تعالى: (أنا خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته، ومن بتّها بتته) المسند.
وعمل قاطع الرحم غير مقبول، عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله | يقول: (إن أعمال بني آدم تعرض على الله ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم) أحمد.
 والرحم تدعو على قاطعها: (تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) البخاري ومسلم.
 وقاطع الرحم ممنوع من دخول الجنة، قال  صلى الله عليه وسلم: (لايدخل الجنة قاطع رحم ) الترمذي.
أما صلة الرحم فهي سبب لكل خير في الدنيا والآخرة، وهي دليل الإيمان الصادق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه) البخاري ومسلم. وهي سبب في سعة الرزق وطول العمر، قال  صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) البخاري ومسلم.
وصلة الرحم من أهم الأعمال التي تأخذ بصاحبها الى الجنة، عن أبي أيوب الأنصاري أن رجلاً قال يارسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: (تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم) البخاري ومسلم. والمسلم الذي يصبر على أذى أهله يفوز بنصر الله وتأييده، عن أبي هريرة أن رجلاً جاء الى رسول الله فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (لئن كنت كماقلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك) مسلم.
وقال  صلى الله عليه وسلم: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها) البخاري.
إن الشريعة الإسلامية أقامت المجتمع الإسلامي على قاعدة ثابته وهي الأسرة التي تنطلق من مفاهيم الأخوة  والرحمة والمحبة، وتحمل دعوة الإيمان والسلام، وتنبذ مكائد شياطين الإنس والجن،  وعندئذ ستنعم البشرية بحياة طيبة في الدنيا والآخرة.