العدد 1360 / 1-5-2019

من بركات شهر رمضان وفضائله، أنه شهر الجهاد بكل جوانبه وأبوابه ومراتبه، من جهاد النفس، إلى الجهاد من أجل الخير، إلى الجهاد بقول الحق وما يترتب عليه، إلى الجهاد في سبيل الله ونشر الدعوة.

ففي الصيام مغالبة الأهواء والطباع، وترويض النفس حتى يستقيم حالها على منهج الله تعالى، وتنزل عند أحكامه ومبادئه، مصداقاً لقوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً" (سورة الأحزاب – الآية 36).

ومن أجل ذلك جاء الخطاب النبوي مشدداً على المقصد التربوي للصوم.. فقال: "قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه" رواه البخاري ومسلم.

ورمضان مدرسة في المواساة وبذل الخير للآخرين ومساعدة الفقراء وكفالة الأيتام والأرامل مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "الساعي على الأرملة والمسلمين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار" رواه البخاري ومسلم.

ويقع ضمن دائرة العمل لتحقيق العدالة والمساواة والحرية، والتي اختصرها خطاب ربعي بن عامر لرستم قائد جيوش فارس بقوله: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله الواحد القهار، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام.

كما يقع ضمن دائرة الصدع بالحق، والأخذ على يد الظالم، وهو من أفضل القربات إلى الله كما يخبر الرسول: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" رواه ابن ماجة.

وفي رمضان وقعت أكبر الغزوات والمعارك بين المسلمين وبين أعداء الإسلام من القوى الجاهلية، وكان النصر دائماً حليف المؤمنين.

ففي غزوة بدر، انتصر المسلمون وهم قلة ونزل قوله تعالى في (سورة آل عمران – الآية 123): "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"وقوله تعالى في (سورة البقرة - 249): "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ".

ويوم فتح مكة المكرمة ودخول رسول الله مكة فاتحاً، خطب في الجموع قائلاً: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية".

وفي رمضان من السنة 91 هجرية نزل المسلمون إلى الشاطئ الجنوبي لبلاد الأندلس، وغزوا بعض الثغور الجنوبية، و92 هجرية انتصر القائد المسلم طارق بن زياد على الملك رودريك في معركة فاصلة.

وفي رمضان من عام 584 هجرية، كان صلاح الدين الأيوبي قد أحرز انتصارات باهرة على الصليبيين حتى استخلص منهم معظم البلاد التي استولوا عليها.

وفي رمضان من عام 658ه ، هزم المماليك بقيادة الملك المظفر (قطز) التتار في معركة عين جالوت، وأوقفوا زحفهم نهائياً.. وكانوا يستهدفون القضاء الشامل على العالم الإسلامي...