العدد 1375 / 28-8-2019
الدكتور وائل نجم

فجر الأحد ( 25 آب 2019) استفاقت الضاحية الجنوبية لبيروت، على انفجار سُمع دويّه في أرجاء المنطقة المحيطة ليتبيّن بعد ذلك أنه انفجار طائرة استطلاع مسيّرة انفجرت قرب مكتب العلاقات الإعلامية لحزب الله، وليتم الكشف لاحقاً عن طائرة استطلاع مسيّرة أخرى سقطت بطريقة غير معروفة حتى الآن، وهي بعهدة حزب الله، وقد كشف أنها كانت تحمل عبوة ناسفة من مادة C4.

الحديث الرسمي وحديث حزب الله أكد أن الطائرتين إسرائيليتان، إلاّ أنّ الهدف من تواجدهما في أجواء الضاحية بتلك الطريقة غير معروف بعد. المهم في الموضوع أن حزب الله، ومن خلفه لبنان الرسمي عدّ ذلك خرقاً للسيادة اللبنانية، وللقرار الدولي 1701، وتهديداً مباشراً لقواعد الاشتباك التي أُقرّت بعد حرب تموز 2006. وقد شكّل ذلك موقفاً واحداً للبنان الرسمي وقواه السياسية كافة التي أدانت الخرق والاعتداء في تجسيد لأفضل المواقف الوطنية. إلا أنها اختلفت بعد ذلك في مقاربة المواجهة والرد.

أمين عام حزب الله رفع وتيرة تهديداته، وحذّر من تغيير قواعد الاشتباك، وتعهّد بالرد على ما عدّه عدواناًعلى الضاحية، كما تعهّد بالرد على مقتل أي عنصر من حزب الله في سوريا من خلال لبنان وفي منطقة غير منطقة مزارع شبعا التي ما تزال محتلة، ما يعني فتح مصير الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة على الاحتمالات كافة.

في مقابل ذلك، ذهبت مواقف أخرى إلى رفض احتكار الرد من قبل الحزب على الرغم من تباينها. فذهبت بعض الشخصيات السياسية إلى ضرورة حصر الرد بيد الدولة والجيش اللبناني، وعدم الذهاب إلى مواجهات مفتوحة مع "إسرائيل" لحساب إيران كما أشارت هذه الشخصيات، فيما رأت شخصيات أخرى أن المطلوب أن يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية، وليس بيد أي حزب فيها، في دعوة جديدة ومتكررة لفتح الحوار والنقاش في الاستراتيجية الدفاعية وعدم الإبقاء على السلاح خارج إطار الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية، بينما أكد المجلس الأعلى للدفاع في اجتماعه الذي عقده في المقر الصيفي في بيت الدين، على حق اللبنانيين بالدفاع عن النفس بأي وسيلة متاحة، ما يعني إعطاء حزب الله حق الرد على الهجوم الاسرائيلي.

من المعلوم أن حزب الله يمتلك طائرات استطلاع مسيّرة، وقد استخدم بعضها في أوقات سابقة، فهو يمتلك الإمكانية والخبرة والقدرة على اسعمال هذه الطائرات في مواجهة "إسرائيل" , وربما تدخل تهديدات نصرالله بالرد على العدوان في هذا الإطار، ولعلّ هذا الرد على "إسرائيل" يكون من جنس العمل، أي عبر الطائرات المسيّرة، وهذا إنْ حصل، وهو متوقّع، فإن المنطقة والمواجهة بين حزب الله وإيران وحلفائها من ناحية و"إسرائيل" من ناحية أخرى تكون قد دخلت زمن الطائرات المسيّرة، تماماً كما يجري في أكثر من منطقة من العالم.

إلا أنّ هذا الزمن، وكما يشير بعض السياسيين ليس زمن الذهاب إلى الحروب المفتوحة والمُكلفة، وإنما هو زمن التفاوض بالنار وطائرات الاستطلاع، وبالتالي فإن أي ضربة محتملة ستكون مدروسة ومتوازنة وتحت سقف الحكمة التي تحدث عنها نصرالله، وعليه فإنها تدخل في حسابات التفاوض بالنار على مستقبل المنطقة وأدوار اللاعبين فيها.

د. وائل نجم