العدد 1647 /15-1-2025
د. وائل نجم
سريعاً
تمّ انتخاب قائد الجيش، جوزيف عون، رئيساً للبنان يوم الخميس الماضي في التاسع من
كانون الثاني الجاري بموافقة 99 نائباً من أصل 128 نائباً أعضاء المجلس النيابي
وألقى الرئيس المنتخب خطاب القسم الذي كان واضحاً صريحاً وشاملاً.
وسريعاً أيضاً حصلت الاستشارات النيابية
الملزمة وتمّ تكليف السفير نوّاف سلام تشكيل حكومة العهد الأولى على الرغم من
اعتراض ضمني من الثنائي الشيعي حيث جرى الحديث عن غدر حصل بحقّهما، وقد لوّح الثنائي بمقاطعة الحكومة المنتظرة،
وبالتأكيد عدم منحها الثقة في المجلس النيابي وهو ما يمكن أن يفتح معركة حول
ميثاقية الحكومة.
هذه الاعتراضات والمواقف وضعت العهد الجديد
برئاسة جوزيف عون أمام تحدّ جديد يُضاف إلى سلسلة التحدّيات التي تنتظره، غير
أنّها تحدّيات يمكن تحويلها إلى فرص ليكون لبنان جديداً مختلفاً عن لبنان السابق،
ولعلّ ذلك هو التحدّي الأبرز والأساسي.
لقد كان الرئيس جوزيف عون واضحاً في خطاب
القسم حيث أكّد على جملة عناوين أبرزها سيادة الدولة على كلّ أراضيها واحتكارها
للسلاح دون غيرها، واستقلال القضاء ومكافحة الفساد المغطّى من الطبقة السياسية،
وتطبيق القرارات الدولية وفي مقدّمها القرار 1701 ومتفرعاته ذات الصلة؛ كما تماهت
كلمة رئيس الحكومة المكلّف، نوّاف سلام، بعد تكليفه تشكيل الحكومة مع خطاب القسم،
وأكّدت على المعاني التي وردت في الخطاب، وهذا بحدّ ذاته من التحدّيات المهمّة
أمامهما وإذا ما تمكّنا من تنفيذ الخطاب وما ورد فيه سيكون ذلك بمثابة قيامة ثانية
للبنان، ولكن تبقى العبرة بالتنفيذ لا بالخطابات.
تحدّي لبنان الجديد هو أن تنتهي حقبة الصيف
والشتاء تحت سقف واحد، ومواطنين درجة أولى لا تطبق عليهم القوانين ولهم ميزات حمل
السلاح ومخالفة القوانين وغيرها، ومواطنين درجة ثانية يمكن أن يتهموا بالإرهاب
وإثارة الفوضى وتهديد السلم الأهلي لمجرد موقف سياسي يمكن أن يتخذوه، وبالتالي
يقبعون في أقبية السجون لسنوات دون محاكمات؛ ان تنتهي حقبة الاستقواء على الدولة
ومؤسساتها وعلى قواها الأمنية والعسكرية وعلى بقية اللبنانيين، وأن تنتهي أيضاً
حقبة تعطيل المؤسسات الدستورية وشلّها لأبسط الأسباب كما حصل مراراً في تشكيل
الحكومات أو في انتخاب الرؤساء؛ وأن تنتهي حقبة المحاصصة والزبائنية التي رهنت
البلد وربطت مصالح المواطنين بالمنظومة الحاكمة فتمّ إضعاف الدولة لصالح القوى
الحزبية والطائفية التي تحكّمت بقراراها. ببساطة إذا ما جرى تنفيذ خطاب القسم
ورؤية الحكومة المنتظرة دونما تدخّلات من الخارج أو إملاءات منه، سنكون أمام دولة
المواطنة التي ستكون عنوان لبنان الجديد.
التحدّي
كبير أمام رئيسي الجمهورية والحكومة، والأمل كبير أيضاً، وهناك فرصة حقيقية
لانتشال لبنان من واقعه المتردّي وحالة التشظي التي عاشها لسنوات، بل ربما لعقود،
ليكون دولة المواطنة والمواطنية التي ينتظرها الجميع بما في ذلك الذين لم يكتشفوا
أهمية ذلك بعد.
د. وائل نجم