العدد 1633 /9-10-2024

د. وائل نجم

عام مرّ على معركة "طوفان الأقصى" والعدوان على غزّة دون أن تتمكّن قوات الاحتلال الإسرائيلي من إحراز وتحقيق الأهداف التي رفعتها للعدوان. فلا هي استطاعت أن تستعيد الأسرى من المقاومة الفلسطينية، وهو أول هدف للعدوان المعلن؛ ولا هي استطاعت أن تقضي على المقاومة الفلسطينية، وها هي حماس تطلق في يوم السابع من أكتوبر 2024، أي بعد عام كامل، صواريخها باتجاه مدينة تل أبيب من خان يونس، هذا فضلاً عن عمليات كثيرة قامت بها المقاومة في مناطق عديدة من قطاع غزة، وهو ما يثبت فشل الاحتلال في القضاء على المقاومة؛ ولا هي استطاعت أن تقصي حماس عن مشهد غزة، فها هي مفاصل غزة بشكل كامل تدار من قبل حماس ومؤسساتها الإدارية التي كانت تديرها قبل العدوان، وهذا أيضاً يؤكّد فشل الاحتلال الإسرائيلي في إحراز أي هدف من أهدافه.

عام على معركة "طوفان الأقصى" وعلى العدوان الإسرائيلي على غزّة ولم يحقّق الاحتلال سوى ارتكاب المزيد من المجازر بحق المدنيين العزّل، والتدمير الممنهج للبنى التحتية في غزة أو حتى الآن في لبنان، ولكنّ ذلك لم يفتّ في عضد المقاومة، فها هو الناطق العسكري باسم القسّام يخرج يوم السابع من أكتوبر قبل أيام ويعلن عن مرحلة جديدة هي مرحلة استنزاف القدرة المتبقيّة للجيش الإسرائيلي.

لقد أثبت المقاومة الفلسطينية قدرتها على الصمود بوجه أقوى جيش في المنطقة، كما كشفت نوايا حكومة الاحتلال في السيطرة الكاملة على المنطقة من خلال تهجير الشعب الفلسطيني، والقضاء على مقاومته، ومن ثمّ إعادة تشكيل المنطقة العربية وفقاً للمصالح الإسرائيلية وسيطرتها، وهو كا كشفه رئيس حكومة الاحتلال نيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت اللذين قالا إنّ القضاء على المقاومة سيفتح الطريق أمام تشكيل الشرق الأوسط وفقاً لمصالح إسرائيل.

لقد أبلى الشعب الفلسطيني بلاءً حسناً في مقاومته ومواجهته مشاريع الاحتلال الإسرائيلي، كما أبلى الشعب اللبناني بلاءً حسناً في إسناد غزة وفي الدفاع عن نفسه خاصة وأنّ الحكومة الإسرائيلية كشفت عن نيّتها السيطرة على لبنان وتغيير النظام فيه، ومن ثمّ على كلّ المنطقة انطلاقاً من السيطرة على غزة ولبنان، ولكن الحرب وبعد عام لم تنته بعد؛ فالاحتلال ما زال يمارس عدوانه على الشعبين اللبناني والفلسطيني بهدف إخضاع المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وبعد ذلك فرض شروطه على كلّ أنظمة وحكومات وشعوب المنطقة مدعوماً من الغرب بشكل عام ومن الولايات المتحدة بشكل خاص.

عام مضى على الطوفان ولم يسجّل الاحتلال أيّ إنجاز سوى التدمير والتهجير والتجزير وشعاره في هذه الحرب أو العدوان: "إمّا أقتلكم وإمّا أحكمكم". وبالطبع فإنّ حكمه لشعوب المنطقة سيكون انطلاقاً من اعتقاده بهم أنّهم حيوانات خُلقت على هيئة البشر من أجل أن تليق بخدمتهم. ألم يصرّح بذلك وزير الجيش الإسرائيلي عندما دعا إلى إبادة غزة وأهلها ووصفهم بأنّهم حيوانات لا تستحق الحياة؟!

إنّ المعركة صعبة، ومتداخلة، ويشترك فيها أعداء كثر يناصبون المنطقة العداء ويظهرون الود ولكنّهم يضمرون العداء والكراهية ويطمعون بخيرات وثروات بلادنا، ولذلك ترى "إسرائيل" تخوض حربهم نيابة عنهم، وتدفع الأثمان دون أن نعرف إذا كانت تعلم أو لا تعلم!

عام من الصمود والثبات والتضحية قابله عام من الفشل والخيبة للاحتلال، وهو ما يبشّر أنّ الهزيمة ستلحق هذا الاحتلال الذي لا يعرف للإنسانية قيمة ولا للحقّ صاحباً.

بيروت في 8/10/2024