تركّز الحديث في الأيام والأسابيع الأخيرة على مسألتي السلاح والسلام. مسألة السلاح بحيث يتم سحبه أو نزعه أو تنظيمه أو إلغاؤه أو ألخ من الصيغ؛ والسلام على اعتبار أنّه لا خيار أمام الشعوب والأنظمة والحكومات والأمم في المرحلة الحالية سوى الجنوح نحو السلام كما لو أنّه الخيار الوحيد المتبقّي. في مسألة السلاح هناك اختلاف على تفسير ما ورد في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي لناحية السلاح جنوب الليطاني وشمال الليطاني، حتى أنّ هناك تباين داخل لبنان ذاته بين من يعتبر أنّ السلاح شمال الليطاني مشمول بالاتفاق ولا بدّ من سحبه ونزعه والإبقاء فقط على السلاح الشرعي القانوني المتمثل بسلاح الجيش وقوى الأمن الداخلي وبقية الأجهزة الرسمية المرتبطة بالدولة، وما سوى ذلك لا يُعدّ سلاحاً شرعياً بل على العكس هو سلاح "ميليشاوي" كما يسمّيه البعض؛ في مقابل من يعتبر أنّ سلاح المقاومة هو أيضاً سلاح شرعي لأنّه خلال فترة طويلة من غياب الدولة كان هو الذي يحمي البلد من اعتداءات العدو، وبالتالي فهو بحاجة إلى صيغة تنظّم بقاءه ودوره تماماً كما بقية الأجهزة العسكرية والأمنية التي تقوم بدورها ضمن الضوابط والمساحات المكلّفة بها. البعض في الداخل يريد نزع أو سحب السلاح تحت عنوان فرض سيادة الدولة على كلّ أراضيها وعلى قرارها الوطني، ويرى أنّ السلاح خارج إطار الدولة بات يشكّل تهديداً للوطن والمواطنين أمام اعتداءات الاحتلال وهمجيته؛ والبعض الآخر يعتبر أنّ السلاح كان في فترة من الفترات ضمانة وهو الذي فرض معادلات معيّنة لصالح الوطن، وبالتالي فإنّ التخلّي عنه وتسليمه سيضعف الوطن في مواجهة الأطماع الإسرائيلية وسيجعله من دون مخالب في التصدّي لها وإفشالها، وبالتالي فإنّ هذا البعض يرفض التنازل عن السلاح وتسليمه، ويرى فيه ضمانة للوطن وأيضاً لأصحاب هذا الخيار في الدفاع عن الوطن، وإلاّ سيكونون لقمة سائغة على طاولة الأعداء. وفي مسألة السلاح يدخل أيضاً ملف السلاح الفلسطيني في مخيمات اللاجئين الفلسطينيي، وقد وُضع على ما يبدو على نار حامية بعد زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان. والحقيقة أنّ السلاح الفلسطيني في المخيمات لا يختلف أساساً عن الأسلحة الفردية المتواجدة في أيّ بيت لبناني، فهو ليس ثقيلاً بالمعنى المستخدم في اللغة العسكرية، وهو ليس "فالتاً" كما يتمّ تصويره بل تماماً كالسلاح في البيوت اللبنانية، وأنّ حالة المخيمات تشبه إلى حد كبير وبعيد حالة أيّ بلدة أو مدينة لبنانية لناحية تطبيق القوانين والأنظمة عليها. أمّا في موضوع السلام، فإنّ الاحتلال لا يريده ويعمل على إفشال أيّة صيغة أو طرح أو محاولة لإنهاء الصراع وإرساء السلام في المنطقة. لقد طرح القادة العرب في قمة بيروت في العام 2002 مبادرة الأرض مقابل السلام، ورفضها الاحتلال وطواها بفعل الأمر الواقع الذي فرضه في فلسطين والجولان المحتلين. ومن قبل ذلك دخلت السلطة الفلسطينية والأردن وقبلهما مصر في اتفاقات تسوية وسلام، غير أنّها لم تفضِ إلى شيء يذكر. ما زالت مصر والأردن في مرمى الخطر الإسرائيلي، وما زالت السلطة والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس يدفعان الأثمان ولم تحصل السلطة من خلف السلام إلاّ على السراب، بل كشف الاحتلال عن نواياه وعن خططه لطرد الفلسطينيين حتى من أرض 48 التاريخية، حتى أنّ الحكومة الإسرائيلية الحالية تريد طرد الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية لأنّ مساحتها كافية لاستيعابهم وثروتها كافية للصرف عليهم كما لو أنّ القضية مسألة مساحة ومال! السلام مطلب العرب قبل أن يكون مطلب أي طرف آخر، ولكن السلام الحقيقي الذي يعطي أصحاب الحقوق حقوقهم، وليس السلام الذي يتحوّل إلى استسلام يفرض على الشعوب والأنظمة التنازل عن كلّ شيء، وتحكّم الاحتلال بكلّ شيء بعد ذلك. بناء عليه فإنّ مقاربة مسألتي السلاح والسلام مرتبطة ببعضها البعض، والتمسّك بالسلاح هو في الحقيقة من أجل صناعة السلام الحقيقي، فلا يستعجلّن أحد تسليم السلاح حتى يضمن تأمين السلام.
في الجولة الأخيرة من الإنتخابات البلدية في بيروت والبقاع برز موضوع الديموغرافية الضاغط في موازين الخارطة [...]
جرت المرحلة الأولى من الإنتخابات البلدية في محافظة جبل لبنان ، وتشكلت الحصيلة السياسية التي سعت اليها [...]
في خارطة الإنقسامات اللبنانية ، يبدو المشهد محيرا وملتبسا في كثير من الأحيان . حيث يلاحظ أن التعارض والإختلاف [...]
بخطى متثاقلة يسير الحكم اللبناني المطوق بالأزمات المتنوعة ، ويسعى من أجل إثبات قدرته على إنتشال البلد [...]
تكثفت في الأسبوع الأخير تحركات أركان الحكم اللبناني المتجهة نحو العمق العربي ، فكانت محطة الرئيس جوزيف [...]