«محمد سرور» داعية ومفكر إسلامي سوري؛ تبنى منهجاً يجمع بين السلفية المحافظة والحركية السياسية، نشأ منه تيار دعوي إسلامي أصبح يُنسب إليه ويُعرف إعلامياً بـ«السرورية». اشتهر بدعمه للثورة السورية وتحذيره من «الخطر الإيراني».
النشأة والدراسة
وُلد محمد سرور بن نايف زين العابدين عام 1938 في قرية «تسيل» التابعة لمنطقة حوران جنوبي سوريا، وتربى في عائلة فلاحية محافظة.
أنهى سرور تعليمه الابتدائي في قرية «الشيخ مسكين» بمنطقته، ثم غادر قريته إلى مدينة درعا عام 1951 حيث درس المرحلة المتوسطة والسنة الأولى من الثانوية، وفي عام 1958 انتقل إلى العاصمة دمشق لإكمال الثانوية في «الكلية العلمية الوطنية»، وبعد حصوله على شهادتها التحق بجامعة دمشق حيث تخرج في كلية الحقوق. وأثناء ذلك تلقى العلم الشرعي على عدة شيوخ.
التوجه الفكري
انتسب سرور عام 1953 إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت أحد التيارات الفكرية والسياسية الفاعلة في منطقته، وذلك بتوجيه من والده وتأثير من مدرّسيه الذين كان عدد منهم أعضاء في الجماعة.
غادر سرور سوريا عام 1965 إلى السعودية، حيث عمل مدرساً في عدد من معاهدها العلمية الشرعية في حائل ثم منطقة القصيم وأماكن أخرى، كما مارس التدريس مدة أحد عشر عاماً في الكويت.
التجربة الحركية
انخرط سرور وهو طالب بالمرحلة المتوسطة في صفوف حركة الإخوان المسلمين، فتتلمذ على كبار قادتها وخاصة مؤسس فرعها في سوريا الدكتور مصطفى السباعي والأستاذ عصام العطار، وحين تعرضت الجماعة لحملة قمع أمنية -بعد وصول حزب البعث إلى سدة الحكم عام 1963- غادر البلاد إلى السعودية عام 1965.
عمل سرور مدرساً في معاهد علمية شرعية، وفيها أتيح له أن يلتقي مع «إخوان» البلاد العربية الأخرى الذين جاؤوا للعمل والدراسة، فكان له منهم تلامذة وأتباع. ثم انتقل من السعودية حوالي سنة 1973 للتدريس بالكويت إثر انفصاله عن الإخوان.
وفي الكويت وجد سرور بيئة مناسبة لنشر فكرته التي بدأ في بلورتها عندما كان في السعودية، ونشأ من خلالها ما أصبح يعرف لاحقاً بـ«تيار السرورية»، الذي يصفه هو -متبرّئاً من التسمية التي تطلق عليه- بأنه «تيار يجمع بين الجانب الحركي الإخواني والاهتمام بقضايا العقيدة والأخلاق».
وفي عام 1984 غادر الكويت وحط سرور رحاله في بريطانيا، حيث أقام بوصفه «مستثمراً» في مجال التأليف والدراسات والنشر، فشارك مع آخرين في تأسيس «المنتدى الإسلامي» الذي صار مركزاً مهتماً بالتعريف بالإسلام وأوضاع المسلمين، كما أنشأ «مركز دراسات السنّة النبوية» وكان يصدر مجلة «السنّة» منذ 1989.
وفي برمنغهام واصل رعايته عن بعد لتياره الفكري الحركي الذي أصبح يتمدد يوماً بعد يوم، حتى صار له -بعد حرب الخليج الثانية وتأثيراتها- وجوده المجتمعي والسياسي والثقافي في أغلب البلدان العربية، خاصة دول الخليج ومصر واليمن، وقد استثمر سرور في جهده هذا علاقاته الواسعة التي بناها مع نشطاء الدعوة الذين التقى بهم طوال عقدين في السعودية والكويت.
يُتهم سرور من بعض الإعلاميين السعوديين بأنه أحد مؤسسي ما يعرف في السعودية بـ«تيار الصحوة»، الذي يُدخلون في عداد أقطابه الشيوخ سفر الحوالي وسلمان العودة وعائض القرني وناصر العمر، وقد عُرف بمناهضته القوية لطلب استقدام القوات الغربية بقيادة الولايات المتحدة لـ«حماية» السعودية إثر غزو العراق للكويت عام 1990.
انتقل سرور من بريطانيا إلى الأردن عام 2004 وظل هناك حتى غادرها إلى قطر بعد اندلاع أحداث الثورة السورية على نظام بشار الأسد عام 2011، حيث اشتهر بدعمه الإعلامي والشرعي للثورة ووقوفه إلى جانب فصائلها من أجل «تحرير البلاد من حكم الطاغية».
وفي 9 نيسان 2015 أعلن تأييده لعملية عاصفة الحزم التي قادتها السعودية في اليمن إثر استيلاء جماعة الحوثي وحلفائها في حزب الرئيس المخلوع علي صالح على السلطة في البلاد، معتبراً أن «العملية جاءت لتلبي رغبات العرب والمسلمين في الرد على المعتدي الإيراني»، الذي اعتبره مسؤولاً عن تدمير سوريا وقتل أكثر من ربع مليون سوري وتهجير ثلث السكان بسبب دعم طهران لنظام الأسد.
المؤلفات
أصدر سرور العديد من المؤلفات، منها: «وجاء دور المجوس» الذي نشره باسم مستعار، و«جماعة المسلمين»، و«التوقف والتبيّن»، و«اغتيال الحريري وتداعياته على أهل السنة»، و«أزمة أخلاق»، و«العلماء وأمانة الكلمة»، و«كتاب مأساة المخيمات الفلسطينية في لبنان»، و«الجيش والسياسة في سورية»، و«أحوال أهل السنة»، و«مذكراتي».  كما نشر العديد من البحوث والدراسات، وأجرى العشرات من الحوارات واللقاءات الإعلامية، وألقى مثلها من المحاضرات والدروس العلمية.
الوفاة
توفي محمد سرور زين العابدين -بعد معاناة طويلة مع المرض- يوم 11 تشرين الثاني 2016 في قطر، ودُفن في مقبرة أبو هامور جنوبي عاصمتها الدوحة.