العدد 1566 /7-6-2023
أواب ابراهيم

لن يتغير شيء في مسار جلسة الانتخابات الرئاسية الثانية عشر التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في 14 الجاري. فهي ستكون نسخة مكررة عن سابقتها الإحدى عشر، حيث سيعاود نواب حزب الله وحركة أمل وحلفاؤهما محاولة تعطيل النصاب إذا ما تبين لهم أن مرشح الطرف الآخر جهاد أزعور المدعوم من القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وعدد من نواب "التغيير" ومستقلين، يمكن أن يحصل على أصوات تؤهله للرئاسة. وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمده الحزب ومن معه قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. والذي يبدو بوضوح أنه مصر على استخدامه مجدداً، سعياً لإيصال مرشحه سليمان فرنجية، بعدما أوصل رسالة إلى حليفه السابق النائب جبران باسيل والمعارضة ومن معهما.

فور إشاعة أنباء عن اتفاق المعارضين وبعض المستقلّين والتغييريين مع التيار الحر، سواء على لسان نواب من تكتّله النيابي أو من نواب مستقلّين، على اسم الوزير السابق جهاد أزعور، جاء الردّ حاسماً على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بأنّه "مناورة لإسقاط مرشّحنا".

توافق التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على اسم جهاد أزعور ليس تحالفا ولا اتفاقا. هو تقاطع بين الكتلتين السياسيتين والشعبيتين الكبريين. هو ليس حتى تفاهماً سياسياً. هو بالتحديد لقاء الصدفة العابر، الذي لن يصمد الى ما بعد أداء الرئيس المنتخب بأصوات الغالبية المسيحية القسم الدستوري، والشروع في عملية تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع حقائبها الوزارية. لكن مما لاشك فيه أن دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور أحدث نقلة في المشهد السياسي الداخلي الجامد منذ أكثر من سبعة أشهر.

هناك من يرى أن مسار الأمور كما هي الآن، وبعدما أصبحت المواجهة محصورة بين فرنجية وأزعور، دون أن يتمكن أحدهما من تحقيق الفوز على الآخر، فإن الطريق قد تفتح أمام مرشح ثالث، سيتم البحث عنه بعد جلسة الرابع عشر من الجاري، وهذا ما يفتح الباب أمام عودة التدخل العربي والدولي، من أجل تهيئة المناخات أمام مرشح توافق، كخيار حتمي، للحؤول دون استمرار الشغور الرئاسي الذي يهدد البلد بعواقب وخيمة. فيما تتجه الأنظار إلى موقف كتلة النائب وليد جنبلاط، في جلسة الانتخاب، حيث إن التوجه يميل للاقتراع بورقة بيضاء، باعتبار أن جنبلاط كان من أوائل الذين سموا جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، لكنه لن يصوت لصالحه كي لا يغضب حليفه رئيس مجلس النواب. وهذا ما يزيد من فرص البحث عن خيار توافقي ثالث.

ولأنّ الجلسة لن تؤدّي إلى انتخاب رئيس، يسعى البعض إلى الاتجاه نحو خيارات لا تشكّل تحدياً لأحد طالما يعتبر فرنجية تحدياً للمسيحيين، وجهاد أزعور تحدياً للثنائي الشيعي. على أن يستتبع هذا المشهد ولو متأخراً جداً بمخرج سيكون التسوية الرئاسية التي تخرج الجميع من اصطفافاتهم.

كعادتهم يعلّق اللبنانيون الانتظار على اجتماع دولي هنا وآخر هناك. وجديد المراهنات هو على ما يمكن أن يحصل من مداولات في الرياض حول لبنان على هامش اجتماع وزراء خارجية دول التحالف ضدّ الإرهاب ومواجهة "داعش"، سيحضرها وزراء الدول الخمس المهتمّة بلبنان: الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر، وقطر.

لطالما مورست ضغوط خارجية سعياً لتغيير موازين القوى السياسية في لبنان. وحالياً، حطّ القطار في المعركة الرئاسية التي يراد فيها القول إنه لا يمكن لطرف أن يفرض رئيساً للجمهورية على كل اللبنانيين. والأهم أن الاستحقاق الرئاسي يأتي على وقع تحولات إقليمية عنوانها الاتفاق السعودي الإيراني، والتقارب السعودي السوري، واللذان من شأنهما أن ينعكسا تفاهمات على الساحة اللبنانية.

أوّاب إبراهيم