العدد 1580 /20-9-2023
بسام غنوم
مع عودة الهدوء الحذر الى
مخيم عين الحلوة بفعل نجاح الوساطات التي قام بها مختلف الفرقاء اللبنانيين
والفلسطينين ، عاد الاهتمام الى الشأن الداخلي اللبناني ولاسيما ملف انتخابات رئاسة
الجمهورية التي كانت محور محادثات الموفد الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان في
الاسبوع الماضي ، والتي تزامنت مع احتدام الاشتباكات في مخيم عين الحلوة حيث قام
الموفد الفرنسي بعقد لقاءات موسعة مع المسؤولين اللبنانيين و الكتل النيابية بهدف
الوصول الى صيغة حل للموضوع الرئاسي.
لكن مع انتهاء زيارة
الموفد الفرنسي الى لبنان عادت مواقف مختلف الاطراف السياسية اللبنانية الى المربع
الاول لناحية تكرار مواقفها المعروفة من موضوع الحوار والاستحقاق الرئاسي ، حيث أكّد رئيس التيار
الوطني الحر النائب جبران باسيل أنّ منطق الحوار والتفاهم يفرض نفسه إذا أردنا
الخروج من الفراغ والانهيار، لكنه أضاف قائلا "اللهمّ إلا إذا كانت هناك نيّة
لفريق أن يُبقينا بالفراغ ونية فريق آخر يُبقينا بكوابيس الماضي".
بدوره أكد عضو كتلة "الوفاء للمقاومة"
النائب حسن فضل الله أنه "لم يحدث إلى اليوم خرق معتد به على صعيد انتخاب
رئيس للجمهورية، ورغم كل التحركات والاتصالات والتسريبات التي جرت في الأيام
القليلة الماضية، فإن الكتل النيابية والقوى السياسية لا تزال عند مواقفها،
وموقفنا الذي قلناه في اللقاءات والاجتماعات والذي نقوله في الإعلام هو واحد، ونحن
لدينا وجهة نظرنا ورأينا، وللآخرين وجهة نظرهم، ولا أحد يملك اليوم في المجلس
النيابي الغالبية الدستورية التي تخوله انتخاب الرئيس، ولذلك كنا دائما ندعو إلى
تفاهمات وطنية".
اما النائب ابراهيم منيمنة والذي يعكس وجهة نظر
النواب التغيريين في المجلس النيابي فقد رأى أنه من "الواضح أن المبادرة
الفرنسية لم تنضج بعد وهناك تقاطع بين مبادرة لودريان ومبادرة الرئيس بري"،
سائلًا ما هي حيثيات الحوار الذي يطرحه بري".
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل تكرار المواقف نفسها
للقوى السياسية اللبنانية من الاستحقاق الرئاسي رغم كل الجهود والوساطات الداخلية
والخارجية ، هو : هل هناك من حلول قريبة للموضوع الرئاسي رغم حالة الانسداد
السياسي القائمة حاليا في لبنان ؟
هناك الكثير من الكلام في الكواليس السياسية عن
صفقة ما بين مختلف الاطراف يجري العمل عليها بصمت من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي
في لبنان قبل نهاية العام الجاري ، وان هذه الصفقة تتضمن انتخاب رئيس للجمهورية من
غير الاسماء المتداولة حاليا وكذلك ستتضمن ايضا الاتفاق على اسم الرئيس المقبل
للحكومة اللبنانية ، وتشبه هذه الصفقة تسوية الدوحة التي اتت بالرئيس ميشال سليمان
رئيسا للجمهورية وبالرئيس فؤاد السنيورة لرئاسة الحكومة ، ومما يرجح هذا الكلام هو
الحركة السرية والدؤوبة للموفدين القطريين الى لبنان والتي غالبا لاتظهر في وسائل
الاعلام ، على عكس ما هو قائم بالنسبة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي اصبحت
زياراته ولقاءاته المتكررة في لبنان كأنها بلا طعم ولا لون ولا رائحة.
لكن رغم كل هذا التفاؤل الذي تحرص بعض الاوساط
السياسية على بثه في الوسط السياسي اللبناني لا تبدو الامور مبشرة بالخير ،
فالمواقف المعلنة مازالت عالية ومتصلبة في مواقفها ، والبعض يريد استغلال المشاورات
الجارية لانجاز الاستحقاق الرئاسي من اجل تحقيق مكاسب سياسية وطائفية ضيقة على
حساب باقي اللبنانيين ، حيث ربط النائب جبران باسيل بين الملفّ الرئاسي والاتفاق
سلفا على موضوعي اللامركزية الموسّعة والصندوق الائتماني وقال : " "تعالوا
لنتحاور فيها ونلتزم بما نتّفق عليه مثل ما نقوم به مع حزب الله... " ، واعتبر
باسيل أن: "برنامج الرئيس أهم من شخصه خصوصاً إذا كان هذا الشخص لا يتمتّع
بالحيثية التمثيلية الذاتية وعلينا التعويض عنها بدعم نيابي وشعبي، من هنا وجوب
التخلّي عن منطق الفرض والانتقال لمنطق التحاور والتفاهم".
وواضح ان مثل هذه المواقف هدفها تحقيق مكاسب
سياسية وشعبوية ولا تخدم الجهود المبذولة محليا ودوليا من اجل الخروج من الازمات
التي يعاني منها لبنان واللبنانيين واولها ازمة الاستحقاق الرئاسي التي تعتبر
مفتاح الحل لباقي الازمات التي يعاني منها اللبنانيون.
بالخلاصة يمكن القول ان ازمة الاستحقاق الرئاسي
مازالت تدور في الحلقة المفرغة نفسها بسبب سلبية مختلف الاطراف اللبنانيين ، ولكن
هل تنجح الوساطة القطرية البعيدة عن الاضواء والتي تحظى بدعم عربي ودولي واقليمي
في ايجاد حل لازمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان كما نجحت سابقا في تسوية الدوحة
التي اتت بالرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ؟ الله أعلم .
بسام غنوم