العدد 1646 /8-1-2025
بسام غنوم

تشهد الساحة اللبنانية حالة من الشد والجذب على الصعيدين السياسي والشعبي عشية الجلسة النيابية يوم الخميس القادم والمخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية ، والتي يمكن اعتبارها الجلسة الأنتخابية الأهم كونها الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان في ال27 من شهر أيلول الماضي ، وايضا بعد التوصل الى وقف لإطلاق النار بين لبنان والعدو الاسرائيلي في ال 27 من شهر تشرين ثاني الماضي.

وقد حملت الأيام السابقة الجلسة النيابية المخصصة لإنتخاب رئيس للجمهورية الكثير من المفارقات على الصعيدين السياسي والشعبي وصلت ذروتها بالتهديدات التي أطلقها رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا تجاه القوى السياسية اللبنانية عموما و بإتجاه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خصوصا ، فاعتبر صفا أن «الفيتو الوحيد بالنسبة لنا هو على سمير جعجع لأنه مشروع فتنة وتدميري في البلد»، وأضاف مهددا ومتوعدا الحكومة اللبنانية واللبنانيين الذين يخالفونه الرأي بعد حادثة تفتيش حقيبة دبلوماسي إيراني في مطار بيروت «لا تجرّبونا» و«نحن على بعد أمتار من المطار».

هذه المواقف والتحركات على الصعيدين السياسي والشعبي عشية جلسة نيابية لإنتخاب رئيس للجمهورية تركت علامات استفهام كثيرة حول ما ينتظره لبنان واللبنانيين في قادم الأيام خصوصا في ظل حالة الاحتقان السائدة حاليا سياسيا وشعبيا ، وهنا يمكن التوقف عند النقاط التالية :

- التجاذب السياسي القائم حول انتخاب رئيس للجمهورية سواء حول أسماء المرشحين ام حول الفيتوات التي يتم إطلاقها بخصوص بعض المرشحين مثل سمير جعجع واعتباره مشروع فتنة في البلد كما قال وفيق صفا لا معنى له ، اولا لأنه يزيد الخلاف والشقاق بين اللبنانيين الذين وقفوا جميعا يدا واحدة في مواجهة العدوان الاسرائيلي على لبنان ، وثانيا لأنه يستعيد خطاب ما قبل العدوان الاسرائيلي على لبنان والذي كان السبب في دمار لبنان سياسيا واقتصاديا ، وبالتالي لا معنى لهذا الخطاب لأنه يؤسس لفتنة بين اللبنانيين هم بغنى عنها.

- العودة الى لغة التهديد والوعيد وتذكير اللبنانيين بال7 من أيار 2008 ، عفا عليه الزمن لأن مثل هذا الكلام لا يصح في ظل الظروف الحالية التي يمر بها لبنان حاليا حيث العدو الاسرائيلي مازال يحتل أجزاء كبيرة من القرى والبلدات في منطقة جنوب الليطاني ، وايضا لأن الظروف السياسية والاقليمية والدولية التي سمحت بحدوث ال 7 من أيار 2008 انقلبت رأسا على عقب بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان ، وسقوط نظام بشار الأسد ، واي محاولة للعودة الى الوراء ستكون بمثابة كارثة أخرى على لبنان واللبنانيين في ظل العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان.

- الخلاف حول اسم وشخصية المرشحين لرئاسة الجمهورية حق طبيعي لكل القوى السياسية اللبنانية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار ، ومن حق الكل ان يسمي مرشحه الرئاسي ، ولا يحق لأحد أيا كان فرض فيتو على مرشح معين وصندوق الاقتراع هو الفيصل في جلسة الانتخاب ، ولذلك لامبرر للتهديد والوعيد وتوتير الاجواء السياسية والشعبية عشية جلسة الانتخاب وما تشهده وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي من مهاترات وسباب من مختلف الأطراف سببه غياب الوعي او الادراك بما يعيشه لبنان في هذه الأيام العصيبة ، والأولى التعامل مع الاستحقاق الانتخابي الرئاسي بروح المسؤولية والوطنية بما يتناسب مع هذا الاستحقاق السياسي الهام.

- لبنان وطن لجميع ابنائه وطوائفه وما يصيب طائفة يصيب كل اللبنانيين ، والوحدة الوطنية التي تجلت بين اللبنانيين خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان أكبر دليل على ذلك ، ومن ثم فإن محاولة العودة الى لغة الانقسام التي كانت سائدة قبل العدوان على لبنان لن تقدم أو تأخر ، والأولى الاعتبار مما جرى ويجري والتعامل مع الاستحقاقات السياسية القادمة سواء فيما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية أو رئيس للحكومة وغيرها من الأمور بمنطق الشراكة الوطنية ، وليس بمنطق القوة والهيمنة.

بالخلاصة لبنان بحاجة للأمن والاستقرار وهذا لايمكن تحقيقه سواء بمحاولة إلغاء طرف أو طائفة معينة من اللبنانيين ، وكذلك لايمكن بناء لبنان الجديد إلا بتكاتف وتضامن جميع ابنائه. فهل يدرك المسؤولون في لبنان ذلك ؟

بسام غنوم