العدد 1690 /19-11-2025
بسام غنوم

تعيش الساحة اللبنانية في هذه الأيام في ظل حالة من القلق والإنتظار لما هو قادم في الأسابيع والأشهر المقبلة ، فالتهديدات الإسرائلية للبنان بلغت ذروتها ، وآخرها ما نقلته صحيفة معاريف عن مصدر عسكري إسرائيلي قال فيه أن : جولة قتال جديدة مع "حزب الله" هي مسألة وقت ليس إلا.

ولا يقتصر الأمر على التهديدات الإسرائيلية للبنان فما تقوم به الإدارة الأميركية من تحركات على الساحة اللبنانية وخصوصا على الصعيد المالي قد أربك اللبنانيين وأثار الخشية من تطور الأمور إلى أكثر من ذلك ، فبعد زيارة وفد الخزانة الأميركية إلى لبنان صدر عن مصرف لبنان بيان جاء فيه:

"انطلاقاً من العمل على اخراج لبنان من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF)، اذ ان إدراج أي دولة على هذه اللائحة يعد مؤشراً على وجود ثغرات في مكافحة المعاملات المالية غير المشروعة، مما يؤدي الى تشديد التدقيق والرقابة الدولية وانخفاض مستوى الثقة من قبل المؤسسات المالية العالمية.

اتخذ مصرف لبنان اليوم الخطوة الأولى ضمن سلسلة من الإجراءات الإحترازية الهادفة إلى تعزيز بيئة الامتثال داخل القطاع المالي.

وأضاف البيان تتمثل هذه الخطوة في فرض الإجراءات الوقائية على جميع المؤسسات المالية غير المصرفية المرخّصة من قبل مصرف لبنان، بما في ذلك شركات تحويل الأموال، وشركات الصرافة، وغيرها من الجهات التي تقوم بعمليات التداول بالأموال النقدية من العملات الأجنبية وتحويلها من لبنان وإليه.

وترى أوساط سياسية متابعة أن هذه الإجراءات التي قام بها مصرف لبنان بطلب من الإدارة الأميركية إنما تهدف إلى محاصرة حزب الله ماليا في خطوة تستهدف الضغط على لبنان من أجل تنفيذ قرار الحكومة بسحب سلاح حزب الله ، وفي هذا لإطار نقل عن ديبلوماسي عربي رفيع التقى شخصيات موالية للحكومة ونواباً في جلسة، وأوصل لهم رسالة مفادها: «حتى لو عالجتم سلاح «حزب الله»، إذا لم تنفّذوا جميع الإصلاحات الاقتصادية والمالية، لن تروا دولاراً واحداً».

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : ماذا ينتظر لبنان في الأسابيع القادمة في ظل تصاعد الضغوط الأميركية والتهديدات الإسرائيلية ؟

تجمع الأوساط السياسية اللبنانية على مختلف توجهاتها أن لبنان مقبل خلال الفترة القادمة على تطورات دراماتيكية سواء على الصعيد السياسي أوعلى الصعيد العسكري .

فعلى الصعيد السياسي الرئيس جوزاف عون فوجئ بعدم تلقيه أي ردّ من الولايات المتحدة أو "إسرائيل" ، وحتى من الدول العربية الفاعلة على إعلانه الاستعداد للتفاوض!

وهذا الموقف فسره المراقبون بعدم قبول لهذا الطرح ، لأن الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية تعتبره محاولة لكسب الوقت وللتهرب من تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله ، ولأن التفاوض يكون عادة مع الدول والحكومات التي تملك قرارها السياسي والأمني ، وفي ظل استمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه حاليا لناحية عدم قيام الجيش اللبناني بتنفيذ قرار الحكومة بسحب سلاح حزب الله ، فإن نتيجة أي مفاوضات قد تكون مماثلة لقرار سحب سلاح حزب الله ، خصوصا أن حزب الله أعلن في بيانه الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني رفضه سحب السلاح وكذلك الدخول في مفاوضات مع إسرائيل ، وهو نفس موقف الرئيس نبيه بري الذي قال لا نريد الدخول في مفاوضات مباشرة أوغير مباشرة ويجب الإكتفاء بعمل لجنة الميكانيزم.

اما على الصعيد المالي فالأمور بدأت تأخذ منحى تصعيديا وأكثر جدية ، خصوصا بعد زيارة وفد الخزانة الأميركية للبنان الذي كان من نتائجه الأولية سلسلة إجراءات لمصرف لبنان تطال حجم التحويلات المالية ومؤسسة القرض الحسن التابعة لحزب الله ، وقد اشارت قناة "الجديد" الى ان زوار رئيس مجلس النواب بري نقلوا عنه عن عدم لقائه بوفد الخزانة الأميركية، بانه "ليس عندي وقت يمكنهم اللقاء مع المستشار علي حمدان".

وفي الموازاة، هاجمت صحيفة «طهران تايمز» إجراءات مصرف لبنان النقدية التي تستهدف تجفيف اقتصاد «الكاش» المعتمد لدى «حزب الله».

وكتبت الصحيفة: «لقد تخلّى البنك المركزي اللبناني فعلياً عن سلطته، وسلّم واشنطن المفتاح الرئيسي، بينما تطوع لمراقبة مواطنيه نيابة عن مبعوثي وزارة الخزانة الأميركية الذين قضوا بضع ساعات فقط في بيروت قبل إصدار أحدث مجموعة من الوصايا المالية».

واما على الصعيد العسكري فالتهديدات الأسرائيلية بلغت ذروتها مع الإعلان عن إستكمال الجيش الاسرائيلي إستعداداته لضرب حزب الله ، وذكرت صحيفة "معاريف" أن: الجيش الإسرائيلي يشعر بالقلق من عجز الجيش اللبناني عن تنفيذ التزاماته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار وخاصة تفكيك سلاح حزب الله.

بالخلاصة لبنان يعيش في هذه الأيام في ظل تحديات سياسية وأمنية ومالية كبيرة ، وإذا لم يتم تدارك الأمور سريعا من قبل الحكومة والمسؤولين فالخطر القادم على لبنان كبير وكبير جدا.

بسام غنوم